لا تشرك بالله} وَقَالَ: الْبَاءُ بَاءُ الْقَسَمِ، وَلَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِـ[تُشْرِكْ] وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: ﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ﴾ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: ﴿بِاللَّهِ﴾ لَا تُشْرِكْ وَحَذَفَ ﴿لَا تُشْرِكْ﴾ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ادع لنا ربك بما عهد عندك﴾ قِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ: [بِمَا عَهِدَ] قَسَمٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ سُؤَالٌ لَا قَسَمٌ.
وَقَوْلُهُ: ﴿مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لي بحق إن كنت قلته﴾ فتقف على [لي] وتبتدىء بِحَقٍّ فَتَجْعَلُهُ قَسَمًا.
هَذَا مَعَ قَوْلِ النَّحْوِيِّينَ: إن الواو فرع الباء، لَكِنَّهُ قَدْ يَكْثُرُ الْفَرْعُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَيَقِلُّ الْأَصْلُ.
الثَّانِيَةُ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْقَسَمَ إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِتَوْكِيدِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فَتَارَةً يَزِيدُونَ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّوْكِيدِ وَتَارَةً يَحْذِفُونَ مِنْهُ لِلِاخْتِصَارِ وَلِلْعِلْمِ بِالْمَحْذُوفِ.
فَمَا زَادُوهُ لَفْظُ [إِي] بِمَعْنَى [نَعَمْ] كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِي وَرَبِّي﴾
وَمِمَّا يَحْذِفُونَهُ فِعْلُ الْقَسَمِ وَحَرْفُ الْجَرِّ وَيَكُونُ الْجَوَابُ مَذْكُورًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رسول الله﴾ أي [والله].
وقوله: ﴿لأقطعن أيديكم﴾ ﴿لنسفعا بالناصية﴾ ﴿ليسجنن وليكونا من الصاغرين﴾.
وَقَدْ يَحْذِفُونَ الْجَوَابَ وَيُبْقُونَ الْقَسَمَ لِلْعِلْمِ بِهِ كقوله تعالى: {ص والقرآن


الصفحة التالية
Icon