وَمِنْهَا: زِيَادَةُ الرَّدِّ عَلَى الْخَصْمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها﴾ الآية. فقوله: ﴿والله مخرج﴾ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. وَفَائِدَتُهُ أَنْ يُقَرِّرَ فِي أَنْفُسِ الْمُخَاطَبِينَ أَنَّ تَدَارُؤَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي قَتْلِ تِلْكَ الْأَنْفُسِ لَمْ يَكُنْ نَافِعًا لَهُمْ فِي إِخْفَائِهِ وَكِتْمَانِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُظْهِرٌ لِذَلِكَ وَمُخْرِجُهُ وَلَوْ جَاءَ الْكَلَامُ خَالِيًا مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ لَكَانَ ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نفسا فادارأتم فيها﴾ ﴿فقلنا اضربوه ببعضها﴾.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ﴾ فَاعْتَرَضَ بَيْنَ [إِذْ] وَجَوَابِهَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بما ينزل﴾ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُجِيبَهُمْ عَنْ دَعْوَاهُمْ فَجَعَلَ الْجَوَابَ اعْتِرَاضًا.
قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يعلمون﴾.
وقوله: ﴿قل اللهم فاطر السماوات والأرض﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يستهزئون﴾ اعْتِرَاضٌ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا ذكر الله وحده اشمأزت﴾ الْآيَةَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضر﴾ سَبَبٌ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشمأزت﴾ على معنى أنه يَشْمَئِزُّونَ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالشِّرْكِ الَّذِي هُوَ ذِكْرُ الْآلِهَةِ فَإِذَا مَسَّ أَحَدَهُمْ ضُرٌّ أَوْ أَصَابَتْهُ شِدَّةٌ تَنَاقَضَ فِي دَعْوَاهُ فَدَعَا مَنِ اشْمَأَزَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَانْقَبَضَ مِنْ تَوْحِيدِهِ وَلَجَأَ إِلَيْهِ دُونَ الْآلِهَةِ فَهُوَ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ فَقَيَّدَ الْقَوْلَ بِمَا فِيهِ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ بِذَلِكَ وَبِقَوْلِهِ: ﴿أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ﴾ ثُمَّ عَقَّبَهُ مِنَ الْوَعِيدِ الْعَظِيمِ أَشَدَّ التَّأْكِيدِ وأعظمه وأبلغه،.