وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِاعْتِبَارِ عَمَلٍ لَمْ يُوجَدْ في المعطوف إلا أنه مقدر الْوُجُودِ لِوُجُودِ طَالِبِهِ فَهُوَ الْعَطْفُ عَلَى الْمَوْضِعِ نَحْوُ لَيْسَ زَيْدٌ بِقَائِمٍ وَلَا ذَاهِبًا بِنَصْبِ ذَاهِبًا عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ قَائِمٍ لِأَنَّهُ خَبَرُ لَيْسَ
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة﴾ بِأَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعْطُوفًا عَلَى مَحَلِّ هذه ذكره الفارسي
وقوله: ﴿ومن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طغيانهم يعمهون﴾ فِي قِرَاءَةِ الْجَزْمِ إِنَّهُ بِالْعَطْفِ عَلَى مَحَلِّ ﴿فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾
وَجَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَأَبُو الْبَقَاءِ مِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى﴾ إِنَّ بُشْرَى فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِالْعَطْفِ عَلَى مَحَلِّ لِيُنْذِرَ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ
وَغَلَطَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ بِحَقِّ الْأَصَالَةِ وَالْمَحَلُّ لَيْسَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْجَرُّ فِي الْمَفْعُولِ لَهُ وَإِنَّمَا النَّصْبُ نَاشِئٌ عَنْ إِسْقَاطِ الْخَافِضِ وَجَوَّزَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ سكنا والشمس﴾ كَوْنَ الشَّمْسِ مَعْطُوفًا عَلَى مَحَلِّ اللَّيْلِ
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ بِاعْتِبَارِ عَمَلٍ لَمْ يُوجَدْ هُوَ وَلَا طَالِبُهُ هُوَ الْعَطْفُ عَلَى التَّوَهُّمِ نَحْوُ لَيْسَ زَيْدٌ قَائِمًا وَلَا ذَاهِبٍ بِجَرِّ ذَاهِبٍ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى خَبَرِ لَيْسَ الْمَنْصُوبِ بِاعْتِبَارِ جره بالباء ولو دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَالْجَرُّ عَلَى مَفْقُودٍ وَعَامِلِهِ وَهُوَ الْبَاءُ مَفْقُودٌ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ مُتَوَهَّمُ الْوُجُودِ لِكَثْرَةِ دُخُولِهِ فِي خَبَرِ لَيْسَ فَلَمَّا تُوُهِّمَ وجوده صح اعتبار مثله وهذا قليل من كَلَامِهِمْ
وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَجِئْ إِلَّا فِي الشِّعْرِ وَلَكِنْ جَوَّزَهُ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ فِي الْقُرْآنِ وعليه


الصفحة التالية
Icon