الفعل وإذا قلت لم ينكسر على أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْهُ وَأَمَّا الْمُطَاوَعُ بِفَتْحِ الْوَاوِ فَيَدُلُّ عَلَى مُعَالَجَةِ الْفَاعِلِ فِي إِيصَالِ فِعْلِهِ إِلَى الْمَفْعُولِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَفْعُولَ قَبِلَ الْفِعْلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ
وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ وغيره أن المطاوع والمطاوع لابد وأن يشتركا في أصل المعنى والفرق بَيْنَهُمَا إِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ التَّأَثُّرِ وَالتَّأْثِيرِ كَالْكَسْرِ وَالِانْكِسَارِ إِذْ لَا مَعْنَى لِلْمُطَاوَعَةِ إِلَّا حُصُولُ فِعْلٍ عَنْ فِعْلٍ فَالثَّانِي مُطَاوِعٌ لِأَنَّهُ طَاوَعَ الْأَوَّلَ وَالْأَوَّلُ مُطَاوَعٌ لِأَنَّهُ طَاوَعَهُ الثَّانِي فَيَكُونُ الْمُطَاوَعُ لَازِمًا لِلْمُطَاوِعِ وَمُرَتَّبًا عَلَيْهِ
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى على الهدى﴾
فَأَثْبَتَ الْهُدَى بِدُونِ الِاهْتِدَاءِ
وَقَوْلُهُ: أَمَرْتُهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ فَأَثْبَتَ الْأَمْرَ بِدُونِ الِائْتِمَارِ وَأَيْضًا فَاشْتِرَاطُ الْمُوَافَقَةِ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى مَنْقُوضٌ بِقَوْلِهِ أَمَرْتُهُ فَأْتَمَرَ أَيِ امْتَثَلَ فَإِنَّ الِامْتِثَالَ خِلَافُ الطَّلَبِ
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِـ ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى﴾ الْهَدْيَ الْحَقِيقِيَّ بَلْ أَوْصَلْنَا إِلَيْهِمْ أَسْبَابَ الْهِدَايَةِ مِنْ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَلْزَمُ وُجُودُ الِاهْتِدَاءِ وَأَمَّا الْأَمْرُ فَيَقْتَضِيهِ لُغَةً أَلَّا يَثْبُتَ إِلَّا بِالِامْتِثَالِ وَالِائْتِمَارِ
وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ: الِائْتِمَارُ مِنَ الْأَضْدَادِ وَعَلَيْهِ قَوْلُ شَيْخِنَا فِي الْأَسَاسِ يُقَالُ أَمَرْتُهُ فَائْتَمَرَ وَأَبَى أَنْ يَأْتَمِرَ أَيْ أَمَرْتُهُ فَاسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ وَلَمْ يَمْتَثِلْ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْتَمِرِ الْمُمْتَثِلُ وَيُقَالُ عَلَّمْتُهُ فَلَمْ يَتَعَلَّمْ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ فِعْلٌ صَالِحٌ لِأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُصُولُ الْعِلْمِ لِإِيجَادِهِ


الصفحة التالية
Icon