لِلْكُفَّارِ خَوْفٌ نَافِعٌ يَصْرِفُهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ فَإِنَّهُ الْمُطَاوِعُ لِلتَّخْوِيفِ الْمُرَادِ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ فِي الزَّمَانِ وَيَكُونُ أَخْرَجْتُهُ فما خرج حقيقة
فائدة فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يخشاها﴾
قالوا في قوله: ﴿إنما أنت منذر من يخشاها﴾ إِنَّ التَّقْدِيرَ مُنْذِرُ إِنْذَارًا نَافِعًا مَنْ يَخْشَاهَا قال الشيخ عز الدين ولا حاجة إِلَى هَذَا لِأَنَّ فَعَلَ وَأَفْعَلَ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مُطَاوَعَةٌ كَخَوْفٍ وَعِلْمٍ وَشِبْهِهِ لَا يَكُونُ حَقِيقَةً لِأَنَّ خَوْفٌ إِذَا لَمْ يَحْصُلِ الخوف وعلم إذا لم يحصل العلم كان مجازا ومنذر مَنْ يَخْشَاهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ وَهُوَ الْخَشْيَةُ فيكون حقيقة لمن يخشاها فإذا لَيْسَ مُنْذِرًا مَنْ لَمْ يَخْشَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَثَرٌ فَعَلَى هَذَا ﴿إِنَّمَا أَنْتَ منذر﴾ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لِتَرَتُّبِ أَثَرِهِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يَخْشَى دُونَ مَنْ لَمْ يَخْشَ
احْتِمَالُ الْفِعْلِ لِلْجَزْمِ وَالنَّصْبِ
فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا من الظالمين﴾ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الْفَاءِ مَجْزُومًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا وَإِذَا كَانَ مَجْزُومًا كَانَ دَاخِلًا فِي النَّهْيِ فَيَكُونُ قَدْ نَهَى عَنِ الظُّلْمِ كَمَا نَهَى عَنْ قُرْبَانِ الشَّجَرَةِ فكأنه قال ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾


الصفحة التالية
Icon