فهذه الجملة أعني قوله ﴿وجوههم مسودة﴾ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ إِمَّا عَلَى الْحَالِ إِنْ كَانَتْ بَصَرِيَّةً أَوْ مَفْعُولٌ ثَانٍ إِنْ كَانَتْ قَلْبِيَّةً
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ: ﴿ألم يروا كم أهلكنا﴾، فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِغَيْرِ وَاوٍ كَمَا فِي الْأَنْعَامِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْوَاوِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْفَاءِ ﴿أفلم يروا﴾
وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ تَأْتِي عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَتَّصِلَ بِمَا كَانَ الِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالْمُشَاهَدَةِ فَيُذْكَرُ بِالْأَلِفِ وَالْوَاوِ وَلِتَدُلَّ الْأَلْفُ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ وَالْوَاوُ عَلَى عَطْفِ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ قَبْلِهَا وَكَذَلِكَ الْفَاءُ لَكِنَّهَا أَشَدُّ اتِّصَالًا مِمَّا قَبْلَهَا
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَّصِلَ بِمَا الِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالِاسْتِدْلَالِ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَلِفِ دُونَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ لِيَجْرِيَ مَجْرَى الِاسْتِئْنَافِ
وَلَا يَنْتَقِضُ هَذَا الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ فِي النحل ﴿ألم يروا إلى الطير﴾ لِاتِّصَالِهَا بِقَوْلِهِ ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ وَسَبِيلُهَا الِاعْتِبَارُ بِالِاسْتِدْلَالِ فَبُنِيَ عَلَيْهِ ﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ﴾
وَأَمَّا أَرَأَيْتَ فَبِمَعْنَى أَخْبِرْنِي وَلَا يُذْكَرُ بَعْدَهَا إِلَّا الشَّرْطُ وَبَعْدَهُ الِاسْتِفْهَامُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أخذ الله سمعكم﴾ الْآيَةَ ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾


الصفحة التالية
Icon