وَقَدْ يُحْذَفُ الْكَلَامُ الَّذِي هُوَ جَوَابٌ لِلْعِلْمِ به فلا يذكر كقوله تعالى ﴿قال يا قوم أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بالله﴾ فَلَمْ يَأْتِ بِجَوَابٍ
وَأَتَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِالْجَوَابِ وَلَمْ يَأْتِ بِالشَّرْطِ قَالَ تَعَالَى ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غشاوة فمن يهديه﴾ فَـ" مَنْ" الْأَوَّلُ بِمَنْزِلَةِ "الَّذِي"
تَنْبِيهٌ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يَجُوزُ إِلْغَاءُ أَرَأَيْتَ كَمَا يُلْغَى: عَلِمْتُ أَزَيْدٌ عِنْدَكَ أَمْ عَمْرٌو؟ وَلَا يَجُوزُ هَذَا فِي أَرَأَيْتَ وَلَا بُدَّ مِنَ النَّصْبِ إذا قلت أرأيت زيد أَبُو مَنْ هُوَ؟
قَالَ: لِأَنَّ دُخُولَ مَعْنَى أَخْبِرْنِي فِيهَا لَا يَجْعَلُهَا بِمَنْزِلَةِ أَخْبِرْنِي فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي خِلَافَ قَوْلِهِ وَذَلِكَ أَنَّهَا فِي الْقُرْآنِ مُلْغَاةٌ لأن الاستفهام مطلوبها وعليه وقع فِي قَوْلِهِ ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يعلم﴾ فَقَوْلُهُ ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ﴾ اسْتِفْهَامٌ وَعَلَيْهِ وَقَعَتْ أَرَأَيْتَ وكذلك أرأيتم وأرأيتكم فِي الْأَنْعَامِ وَالِاسْتِفْهَامُ وَاقِعٌ بَعْدَهَا نَحْوَ ﴿هَلْ يهلك إلا القوم الظالمون﴾ و ﴿الفاسقون﴾


الصفحة التالية
Icon