النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُفْرَدَاتِ والأدوات
...
النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُفْرَدَاتِ مِنَ الْأَدَوَاتِ
وَالْبَحْثِ عَنْ مَعَانِي الْحُرُوفِ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُفَسِّرُ لِاخْتِلَافِ مَدْلُولِهَا
وَلِهَذَا تَوَزَّعَ الْكَلَامُ عَلَى حَسَبِ مَوَاقِعِهَا وَتَرَجَّحَ اسْتِعْمَالُهَا فِي بَعْضِ الْمَحَالِّ عَلَى بَعْضٍ بِحَسَبِ مُقْتَضَى الْحَالِ
كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضلال مبين﴾، فَاسْتُعْمِلَتْ "عَلَى" فِي جَانِبِ الْحَقِّ وَ"فِي" فِي جَانِبِ الْبَاطِلِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ كَأَنَّهُ مُسْتَعْلٍ يَرْقُبُ نَظَرُهُ كَيْفَ شَاءَ ظَاهِرَةٌ لَهُ الْأَشْيَاءُ وَصَاحِبُ الْبَاطِلِ كَأَنَّهُ مُنْغَمِسٌ فِي ظَلَامٍ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ تَوَجَّهَ
وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ﴾ فَعَطَفَ هَذِهِ الْجُمَلَ الثَّلَاثَ بِالْفَاءِ ثُمَّ لَمَّا انْقَطَعَ نِظَامُ التَّرْتِيبِ عَطَفَ بِالْوَاوِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وليتلطف﴾، إِذْ لَمْ يَكُنِ التَّلَطُّفُ مُتَرَتِّبًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِالطَّعَامِ كَمَا كَانَ الْإِتْيَانُ مِنْهُ مُرَتِّبًا عَلَى التَّوَجُّهِ فِي طَلَبِهِ وَالتَّوَجُّهُ فِي طَلَبِهِ مُتَرَتِّبًا عَلَى قَطْعِ الْجِدَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ مُدَّةِ اللُّبْثِ بِتَسْلِيمِ الْعِلْمِ لَهُ سُبْحَانَهُ
وَكَمَا فِي قوله تعالى: ﴿إنما الصدقات للفقراء﴾ الْآيَةَ فَعَدَلَ عَنِ اللَّامِ


الصفحة التالية
Icon