ها هنا فِي غَايَةِ الْمُنَاسَبَةِ لِلْغَرَضِ الْمَطْلُوبِ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْمَعَانِيَ الْكَامِلَةَ وَالْآيَاتِ الْفَاضِلَةَ الَّتِي تَرْقُصُ الْقُلُوبُ لَهَا طَرَبًا وَتَسِيلُ الْأَفْهَامُ مِنْهَا رَهَبًا!
وَحَيْثُ وَرَدَ الْبَارُّ مَجْمُوعًا فِي صِفَةِ الْآدَمِيِّينَ قِيلَ أبرار كقوله ﴿إن الأبرار لفي نعيم﴾ وقال في صفة الملائكة ﴿بررة﴾ قَالَ الرَّاغِبُ فَخَصَّ الْمَلَائِكَةَ بِهَا مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ أَبْرَارٍ جَمْعِ بَرٍّ وَأَبْرَارٍ جَمْعِ بَارٍّ وَبَرٌّ أَبْلَغُ مَنْ بَارٍّ كَمَا إِنَّ عَدْلًا أَبْلَغُ مِنْ عَادِلٍ
وَهَذَا بِنَاءً عَلَى رِوَايَةٍ فِي تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ
وَمِنْهَا أَنَّ الْأَخَ يُطْلَقُ عَلَى أَخِي النَّسَبِ وَأَخِي الصَّدَاقَةِ وَالدِّينِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي الْجَمْعِ فَيُقَالُ فِي النَّسَبِ إِخْوَةٌ وَفِي الصَّدَاقَةِ إِخْوَانٌ كَمَا قيل ﴿إخوانا على سرر متقابلين﴾ وَقَالَ: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ قال جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْهُمُ ابْنُ فَارِسٍ وَحَكَاهُ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ ثُمَّ رَدَّهُ بِأَنَّهُ يُقَالُ لِلْأَصْدِقَاءِ وَالنَّسَبِ إِخْوَةٌ وَإِخْوَانٌ قال تعالى ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾ لَمْ يَعْنِ النَّسَبَ وَقَالَ ﴿أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ﴾ وَهَذَا فِي النَّسَبِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ ﴿وَلَا يُبْدِينَ زينتهن إلا لبعولتهن﴾ إلى قوله ﴿أو بني أخواتهن﴾ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَاشْتِقَاقُ اللَّفْظَيْنِ مِنْ تَآخَيْتُ