وَمَذْهَبُ الْمُبَرِّدِ وَتَبِعَهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْمُفَاجَأَةَ نَقَلَهَا إِلَى الْمَكَانِ عَنِ الزَّمَانِ وَمَعْنَى الْآيَةِ مُوَافَقَةُ الثُّعْبَانِ لِإِلْقَاءِ مُوسَى الْعَصَا فِي الْمَكَانِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ خَرَجْتُ فَإِذَا السَّبُعُ أَيْ فَإِذَا موافقة السبع وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ مُضَافًا إِلَى الْجُمْلَةِ بَعْدَهَا
الثَّانِيَةُ: الظَّرْفِيَّةُ ضَرْبَانِ ظَرْفٌ مَحْضٌ وَظَرْفٌ مُضَمَّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ
فَالْأَوَّلُ: نَحْوُ قَوْلِكِ رَاحَةُ الْمُؤْمِنِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿والليل إذا يغشى﴾
ومنه إذا كنت علي راضية وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا مَعْنَى الشَّرْطِ لَكَانَ جَوَابُهَا مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ ويصير التقدير الأول إذا يغشى أقسم فيفسد المعنى أَوْ يَصِيرُ الْقَسَمُ مُتَعَلِّقًا عَلَى شَرْطٍ لَا مُطْلَقًا فَيُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَكُونَ الْقَسَمُ غَيْرَ حَاصِلٍ الْآنَ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا وُجِدَ شَرْطُهُ وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ بَلْ عَلَى حُصُولِ الْقَسَمِ الْآنَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَكَذَا حُكْمُ ﴿وَالنَّجْمِ إذا هوى﴾ ﴿والليل إذا يسر﴾
ومما يتمحض لِلظَّرْفِيَّةِ الْعَارِيَةِ مِنَ الشَّرْطِ قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أصابهم البغي هم ينتصرون﴾، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا مَعْنَى الشَّرْطِ لَوَجَبَتِ الْفَاءُ فِي جَوَابِهَا
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: يَقْتَضِي شَرْطًا وَجَوَابًا وَلِهَذَا تَقَعُ الْفَاءُ بَعْدَهَا عَلَى حَدِّ وُقُوعِهَا بَعْدَ إِذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذَا لَقِيتُمْ فئة فاثبتوا﴾ وَكَذَا كَثُرَ وُقُوعُ الْفِعْلِ بَعْدَ مَاضِي اللَّفْظِ مُسْتَقْبَلَ الْمَعْنَى نَحْوُ إِذَا جِئْتَنِي أَكْرَمْتُكَ
وَمِنْهُ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ
وَتَخْتَصُّ الْمُضَمَّنَةُ مَعْنَى الشَّرْطِ بِالْفِعْلِ، وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهَا لَا تُضَافُ إِلَّا إِلَى جُمْلَةٍ


الصفحة التالية
Icon