أن المفتوحة المشددة
يجيء لِلتَّأْكِيدِ كَالْمَكْسُورَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّكَ لَوْ صَرَّحْتَ بِالْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ مِنْهَا لَمْ تُفِدْ تَوْكِيدًا وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا عُلِمَ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنَّ والفعل والمصدر
وقال: في المفصل إن وأن تُؤَكِّدَانِ مَضْمُونَ الْجُمْلَةِ إِلَّا أَنَّ الْمَكْسُورَةَ الْجُمْلَةُ معها على استقلالها بفائدتها والمفتوحة تقلبها إلى حكم المفرد
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لِأَنَّ وَضْعَ إِنَّ تَأْكِيدٌ لِلْجُمْلَةِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ لِمَعْنَاهَا فَوَجَبَ أَنْ تَسْتَقِلَّ بِالْفَائِدَةِ بَعْدَ دُخُولِهَا وَأَمَّا الْمَفْتُوحَةُ فَوَضْعُهَا وَضْعُ الْمَوْصُولَاتِ فِي أَنَّ الْجُمْلَةَ مَعَهَا كَالْجُمْلَةِ مَعَ الْمَوْصُولِ فَلِذَلِكَ صَارَتْ مَعَ جُمْلَتِهَا فِي حُكْمِ الْخَبَرِ فَاحْتَاجَتْ إِلَى جُزْءٍ آخَرَ لِيَسْتَقِلَّ مَعَهَا بِالْكَلَامِ فَتَقُولُ إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ وَتَسْكُتُ وَتَقُولُ أَعْجَبَنِي أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ فَلَا تَجِدُ بُدًّا مِنْ هَذَا الْجُزْءِ الَّذِي مَعَهَا لِكَوْنِهَا صَارَتْ فِي حُكْمِ الْجُزْءِ الْوَاحِدِ إِذْ مَعْنَاهُ أَعْجَبَنِي قِيَامُ زَيْدٍ وَلَا يَسْتَقِلُّ بِالْفَائِدَةِ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهِ جُزْءٌ آخَرُ فَكَذَلِكَ الْمَفْتُوحَةُ مَعَ جُمْلَتِهَا وَلِذَلِكَ وَقَعَتْ فَاعِلَةً وَمَفْعُولَةً وَمُضَافًا إِلَيْهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَعُ فِيهِ الْمُفْرَدَاتُ
وَمِنْ وُجُوهِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا تُصَدَّرُ بِالْمَفْتُوحَةِ الْجُمْلَةُ كَمَا تُصَدَّرُ بِالْمَكْسُورَةِ لِأَنَّهَا لَوْ صُدِّرَتْ لَوَقَعَتْ مُبْتَدَأً وَالْمُبْتَدَأُ مُعَرَّضٌ لِدُخُولِ إِنَّ فَيُؤَدِّي إِلَى اجْتِمَاعِهِمَا
وَلِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى لَعَلَّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أنها إذا جاءت لا يؤمنون﴾ وَتِلْكَ لَهَا صَدْرُ الْكَلَامِ فَقَصَدُوا إِلَى أَنْ تكون هذه مخالفة لتلك في الوضع