وَقَوْلُهُ ﴿وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا﴾ وَلَمْ يَقُلْ اتَّخَذَهُ رَدًّا لِلضَّمِيرِ إِلَى شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ بِمَا يَسْمَعُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ بَلْ كَانَ إِذَا سَمِعَ بَعْضَ آيَاتِ اللَّهِ اسْتَهْزَأَ بِجَمِيعِهَا وَقِيلَ شَيْئًا بِمَعْنَى الْآيَةِ لِأَنَّ بَعْضَ الْآيَاتِ آيَةٌ وَقَدْ يَعُودُ الضَّمِيرُ عَلَى الصَّاحِبِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ لِاسْتِحْضَارِهِ بِالْمَذْكُورِ وَعَدَمِ صَلَاحِيَتِهِ لَهُ كَقَوْلِهِ ﴿إِنَّا جَعَلْنَا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان﴾ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ لِلْأَيْدِي لِأَنَّهَا تُصَاحِبُ الْأَعْنَاقَ فِي الْأَغْلَالِ وَأَغْنَى ذِكْرُ الْأَغْلَالِ عَنْ ذِكْرِهَا
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا ينقص من عمره﴾ أَيْ مِنْ عُمُرِ غَيْرِ الْمُعَمَّرِ فَأُعِيدَ الضَّمِيرُ عَلَى غَيْرِ الْمُعَمَّرِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمُعَمَّرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِتَقَابُلِهِمَا فَكَانَ يُصَاحِبُهُ الِاسْتِحْضَارُ الذِّهْنِيُّ
وَقَدْ يَعُودُ الضَّمِيرُ عَلَى بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ كقوله تعالى ﴿فإن كن نساء﴾ بعد قوله ﴿يوصيكم الله في أولادكم﴾
وقوله ﴿وبعولتهن أحق بردهن﴾ فَإِنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ مَعَ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالرُّجْعَى وَهَلْ يَقْتَضِي ذَلِكَ تَخْصِيصَ الْأَوَّلِ فِيهِ خِلَافٌ أُصُولِيٌّ وَقَوْلِهِ ﴿وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سبيل الله﴾ فَإِنَّ الْفِضَّةَ بَعْضُ الْمَذْكُورِ فَأَغْنَى ذِكْرُهَا عَنْ ذِكْرِ الْجَمِيعِ حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ﴾ أَصْنَافُ مَا يُكْنَزُ
وَقَدْ يَعُودُ عَلَى اللَّفْظِ الْأَوَّلِ دُونَ مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا يُعَمَّرُ من معمر ولا ينقص من عمره﴾ وَقَدْ سَبَقَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ


الصفحة التالية
Icon