فَيَحْتَمِلُ ضَمِيرًا وَالرَّابِعُ: ﴿صَاحِبُهُ﴾ وَالْخَامِسُ: ﴿لَا تَحْزَنْ﴾ وَالسَّادِسُ: ﴿مَعَنَا﴾ وَالسَّابِعُ فِي ﴿عَلَيْهِ﴾ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ فِيمَا نَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ لِأَنَّ السَّكِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمًا لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ إذا كَانَ خُرُوجُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أنزل الله سكينته على رسوله﴾ فَالسَّكِينَةُ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ لِأَنَّهُ خَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَخْفَ عَلَى نَفْسِهِ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ مِنْ أَجْلِهِمْ لَا مِنْ أَجْلِهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ تعالى: ﴿فأنساه الشيطان ذكر ربه﴾ قيل الضميران عائدان على يُوسُفَ قَالَ لِلنَّاجِي ذَكِّرِ الْمَلِكَ بِأَمْرِي
وَرَجَّحَ ابْنُ السِّيدِ هَذَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقَالَ الَّذِي نجا منهما وادكر بعد أمة﴾ أَيْ بَعْدَ حِينٍ
وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ عَامِرٍ بَعْدَ "أَمَهٍ" بِالتَّخْفِيفِ أَيْ نِسْيَانٍ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِيَذْكُرَ تَذَكُّرَ الْفَتَى بَعْدَ النِّسْيَانِ وَالذِّكْرُ عَلَى هَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى التَّذْكِيرِ وَيَكُونَ مَصْدَرَ ذَكَرْتُهُ ذِكْرًا فَالتَّقْدِيرُ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَهُ عِنْدَ رَبِّهِ فَأَضَافَ الذِّكْرَ إِلَى الرَّبِّ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُضَافٌ إِلَى ضَمِيرِ يُوسُفَ وَجَازَ ذَلِكَ لِمُلَاءَمَتِهِ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُخَالَفُ بَيْنَ الضَّمَائِرِ حَذَرًا مِنَ التَّنَافُرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿منها أربعة حرم﴾ كَمَا عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ قال ﴿فلا تظلموا فيهن أنفسكم﴾ لما أعاد عَلَى أَرْبَعَةٍ وَهُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ
وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ عَوْدَهُ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ أَيْضًا بَلْ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْهَى عَنِ الظُّلْمِ فِي الْأَرْبَعَةِ وَيُبِيحَ الظُّلْمَ فِي الثَّمَانِيَةِ بَلْ تَرْكُ الظُّلْمِ فِي الْكُلِّ وَاجِبٌ