وَجَعَلَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبِّ إن قومي كذبون﴾ ونحوه مِمَّا كَانَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ خِلَافَهُ فَإِنَّهُ كَانَ عَلَى طَمَعٍ أَلَّا يَكُونَ مِنْهُمْ تَكْذِيبٌ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه﴾ أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَعْتَادُهُ الْمَخْلُوقُونَ فِي أَنَّ الْإِعَادَةَ عِنْدَهُمْ أَهْوَنُ مِنَ الْبُدَاءَةِ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ فَيَكُونُ الْبَعْثُ أَهْوَنَ عَلَيْهِ عِنْدَكُمْ مِنَ الْإِنْشَاءِ
وَحَكَى الْإِمَامُ الرَّازِّيُّ فِي مَنَاقِبَ الشَّافِعِيِّ قَالَ مَعْنَى الْآيَةِ فِي الْعِبْرَةِ عِنْدَكُمْ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لِلْعَدَمِ" كُنْ" فَخَرَجَ تَامًّا كَامِلًا بِعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَمَفَاصِلِهِ فَهَذَا فِي الْعِبْرَةِ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَقُولَ لِشَيْءٍ قَدْ كَانَ عُدْ إِلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ عِبْرَتِكُمْ لَا أَنَّ شَيْئًا يَكُونُ عَلَى اللَّهِ أَهْوَنَ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ
وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي ﴿عَلَيْهِ﴾ يَعُودُ لِلْخَلْقِ لِأَنَّهُ يُصَاحُ بِهِمْ صَيْحَةٌ فَيَقُومُونَ وَهُوَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يَكُونُوا نُطَفًا ثُمَّ عَلَقًا ثُمَّ مُضَغًا إِلَى أن يصيروا رجالا ونساء
وقوله ﴿يا أيها الساحر﴾ أي يأيها الْعَالِمُ الْكَامِلُ وَإِنَّمَا قَالُوا هَذِهِ تَعْظِيمًا وَتَوْقِيرًا مِنْهُمْ لَهُ لِأَنَّ السِّحْرَ عِنْدَهُمْ كَانَ عَظِيمًا وصنعة ممدوحة
وقيل: معناه يأيها الَّذِي غَلَبَنَا بِسِحْرِهِ كَقَوْلِ الْعَرَبِ خَاصَمْتُهُ فَخَصَمْتُهُ أَيْ غَلَبْتُهُ بِالْخُصُومَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا تَعْيِيبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالسِّحْرِ وَلَمْ يُنَافِسْهُمْ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ بِهِ رَجَاءَ أَنْ يُؤْمِنُوا
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا﴾ جيء بـ" إن" الَّتِي لِلشَّكِّ وَهُوَ وَاجِبٌ دُونَ إِذِ الَّتِي لِلْوُجُوبِ سَوْقًا لِلْكَلَامِ عَلَى حَسَبِ حُسْبَانِهِمْ أَنَّ


الصفحة التالية
Icon