التَّأَدُّبُ فِي الْخِطَابِ بِإِضَافَةِ الْخَيْرِ إِلَى اللَّهِ
وإن الكل بيده كقوله تعالى: ﴿أنعمت عليهم﴾ ثم قال: ﴿غير المغضوب عليهم﴾ وَلَمْ يَقُلْ غَيْرِ الَّذِينَ غَضِبْتَ عَلَيْهِمْ
وَقَوْلِهِ ﴿بيدك الخير﴾ ولم يقل والشر وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِيَدِهِ لَكِنَّ الْخَيْرَ يُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِرَادَةَ مَحَبَّةٍ وَرِضًا وَالشَّرُّ لَا يُضَافُ إِلَيْهِ إِلَّا إِلَى مَفْعُولَاتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُضَافُ إِلَى صِفَاتِهِ وَلَا أَفْعَالِهِ بَلْ كلها كمال لَا نَقْصَ فِيهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِ مَنْ فَسَّرَهُ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ
وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ: ﴿فصرف عنه كيدهن﴾ فَأَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ حَيْثُ صَرَفَهُ وَلَمَّا ذَكَرَ السِّجْنَ أَضَافَهُ إِلَيْهِمْ فَقَالَ ﴿لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ وَإِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي سَبَّبَ السَّجْنَ لَهُ وَأَضَافَ مَا مِنْهُ الرَّحْمَةُ إِلَيْهِ وَمَا مِنْهُ الشِّدَّةُ إِلَيْهِمْ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يشفين﴾ وَلَمْ يَقُلْ أَمْرَضَنِي
وَتَأَمَّلْ جَوَابَ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَمَّا فَعَلَهُ حَيْثُ قَالَ فِي إِعَابِةِ السفينة ﴿فأردت﴾ وقال في الغلام ﴿فأردنا﴾ وفي إقامة الجدار ﴿فأراد ربك﴾