قل سيروا} إِلَى قَوْلِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قدير﴾ وَبَعْدَهَا ﴿بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا نصير﴾
وَمِنْهَا فِي آخِرِ الْأَنْعَامِ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لأن سورة الأنعام كلها مناظرة للكفار ووعيد لهم خُصُوصًا وَفِي آخِرِهَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَاتِ بِيَسِيرٍ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ الْآيَةَ وَهُوَ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ إِلَى قَوْلِهِ ﴿قُلْ أغير الله أبغي ربا﴾ الْآيَةَ وَهُوَ تَقْرِيعٌ لِلْكُفَّارِ وَإِفْسَادٌ لِدِينِهِمْ إِلَى قوله ﴿وهو الذي جعلكم خلائف الأرض﴾، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَ ذِكْرِ الْعِقَابِ تَرْهِيبًا لِلْكُفَّارِ وَزَجْرًا لَهُمْ عَنِ الْكُفْرِ وَالتَّفَرُّقِ وَزَجْرًا لِلْخَلَائِقِ عَنِ الْجَوْرِ فِي الْأَحْكَامِ
وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الْأَعْرَافِ ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لغفور رحيم﴾ لِأَنَّهَا فِي سِيَاقِ ذِكْرِ مَعْصِيَةِ أَصْحَابِ السَّبْتِ وَتَعْذِيبِهِ إِيَّاهُمْ فَتَقْدِيمُ الْعَذَابِ مُنَاسِبٌ
وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَآيَةِ الْأَنْعَامِ حَيْثُ أَتَى هُنَا باللام فقال ﴿لسريع العقاب﴾ دون هناك أن اللَّامَ تُفِيدُ التَّوْكِيدَ فَأَفَادَتْ هُنَا تَأْكِيدَ سُرْعَةِ الْعِقَابِ لِأَنَّ الْعِقَابَ الْمَذْكُورَ هُنَا عِقَابٌ عَاجِلٌ وَهُوَ عِقَابُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالذُّلِّ وَالنِّقْمَةِ وَأَدَاءِ الْجِزْيَةِ بَعْدَ الْمَسْخِ لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ قَوْلِهِ ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ القيامة من يسومهم سوء العذاب﴾، فَتَأْكِيدُ السُّرْعَةِ أَفَادَ بَيَانَ التَّعْجِيلِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ بِخِلَافِ الْعِقَابِ الْمَذْكُورِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فَإِنَّهُ آجِلٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ