وَحَيْثُ قُصِدَ أَمْرٌ آخَرُ لَمْ يَذْكُرِ الْمَوْصُولَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً إِشَارَةً إِلَى قَصْدِ الْجِنْسِ وَلِلِاهْتِمَامِ بِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ فِي تِلْكَ الْآيَةِ أَلَا تَرَى إِلَى سُورَةِ الرَّحْمَنِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا علو قدرة الله وعلمه وشأنه وكونه سئولا وَلَمْ يَقْصِدْ إِفْرَادَ السَّائِلِينَ
فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَوْضِعَ
قاعدة في قوله تعالى: ﴿فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا﴾ ونحوها
قَدْ يَكُونُ نَحْوَ هَذَا اللَّفْظِ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كذبا﴾ ﴿فمن أظلم ممن كذب على الله﴾ ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أعرض عنها﴾ ﴿ومن أظلم ممن منع مساجد الله﴾ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ
وَالْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِفْهَامَ مَعْنَاهُ النَّفْيُ فَحِينَئِذٍ فَهُوَ خَبَرٌ وَإِذَا كان خبر أفتوهم بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ إِذَا أُخِذَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى ظَوَاهِرِهَا أَدَّى إِلَى التَّنَاقُضِ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ ولا أحد أظلم ممن افترى عل اللَّهِ كَذِبًا وَلَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا
وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ عَلَى طُرُقٍ:
أَحَدُهَا: تَخْصِيصُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِمَعْنَى صِلَتِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَحَدَ مِنَ الْمَانِعِينَ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلَا أَحَدَ مِنَ الْمُفْتَرِينَ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ


الصفحة التالية
Icon