اللَّفْظِ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ وَالْمَقْصُودُ بِهِ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ فَظِيعٌ قَصَدْنَا بِالِاسْتِفْهَامِ عَنْهُ تَخْيِيلَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فَوْقَهُ لِامْتِلَاءِ قَلْبِ الْمُسْتَفْهِمِ عَنْهُ بِعَظَمَتِهِ امْتِلَاءً يَمْنَعُهُ مِنْ تَرْجِيحِ غَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إِلَى أَنْ يَقُولَ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ وَتَكُونُ دَلَالَتُهُ عَلَى ذَلِكَ اسْتِعَارَةً لَا حَقِيقَةً فَلَا يَرِدُ كَوْنُ غَيْرِهِ أَظْلَمَ مِنْهُ إِنْ فُرِضَ وَكَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا فِي الْكَلَامِ إِذَا قُصِدَ بِهِ التَّهْوِيلُ فَيُقَالُ أَيُّ شَيْءٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا إِذَا قُصِدَ إِفْرَاطُ عَظَمَتِهِ وَلَوْ قِيلَ لِلْمُتَكَلِّمِ بِذَلِكَ أَنْتَ قُلْتَ إِنَّهُ أَعْظَمُ الْأَشْيَاءِ لَأَبَى ذَلِكَ فَلْيَفْهَمْ هَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّ الْكَلَامَ يَنْتَظِمُ مَعَهُ وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ
قاعدة
في الجحد بين الكلامين
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطعام﴾ قَالَ صَاحِبُ الْيَاقُوتَةِ قَالَ ثَعْلَبٌ وَالْمُبَرِّدُ جَمِيعًا الْعَرَبُ إِذَا جَاءَتْ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِجَحْدَيْنِ كَانَ الْكَلَامُ إِخْبَارًا فَمَعْنَاهُ إِنَّمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمِثْلُهُ مَا سَمِعْتُ مِنْكَ وَلَا أَقْبَلُ مِنْكَ مَالًا وَإِذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ جَحْدٌ كَانَ الْكَلَامُ مَجْحُودًا جَحْدًا حَقِيقِيًّا نَحْوَ مَا زَيْدٌ بِخَارِجٍ فَإِذَا جَمَعْتَ بَيْنَ جَحْدَيْنِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا كَقَوْلِهِ مَا مَا قُمْتُ يُرِيدُ مَا قُمْتُ وَمِثْلُهُ مَا إِنْ قُمْتُ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فيما إن مكناكم فيه﴾ فِي أَحَدِ الْأَقْوَالِ


الصفحة التالية
Icon