وَقِيلَ تَمَّ يُشْعِرُ بِحُصُولِ نَقْصٍ قَبْلَهُ وَكَمُلَ لَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ رَجُلٌ كَامِلٌ إِذَا جَمَعَ خِصَالَ الْخَيْرِ وَرَجُلٌ تَامٌّ إِذَا كَانَ غَيْرَ نَاقِصِ الطُّولِ وَقَالَ الْعَسْكَرِيُّ الْكَمَالُ اسْمٌ لِاجْتِمَاعِ أَبْعَاضِ الْمَوْصُوفِ بِهِ وَالتَّمَامُ اسْمٌ لِلْجُزْءِ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ الْمَوْصُوفُ وَلِهَذَا يَقُولُونَ الْقَافِيَةُ تَمَامُ الْبَيْتِ وَلَا يَقُولُونَ كَمَالُهُ وَيَقُولُونَ الْبَيْتُ بِكَمَالِهِ
وَمِنْ ذَلِكَ الضِّيَاءُ وَالنُّورُ
فائدة
عن الجويني في الفرق بين الإتيان والإعطاء
قَالَ: الْجُوَيْنِيُّ لَا يَكَادُ اللُّغَوِيُّونَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْإِعْطَاءِ وَالْإِتْيَانِ وَظَهَرَ لِي بَيْنَهُمَا فَرْقٌ انْبَنَى عَلَيْهِ بَلَاغَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ أَنَّ الْإِتْيَانَ أَقْوَى مِنَ الْإِعْطَاءِ فِي إِثْبَاتِ مَفْعُولِهِ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لَهُ مُطَاوِعٌ يُقَالُ: أَعْطَانِي فَعَطَوْتُ ولا يقال في الإتيان أَتَانِي فَأَتَيْتُ وَإِنَّمَا يُقَالُ: آتَانِي فَأَخَذْتُ وَالْفِعْلُ الَّذِي لَهُ مُطَاوِعٌ أَضْعَفُ فِي إِثْبَاتِ مَفْعُولِهِ مِنَ الَّذِي لَا مُطَاوِعَ لَهُ لِأَنَّكَ تَقُولُ قَطَعْتُهُ فَانْقَطَعَ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْفَاعِلِ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى قَبُولِ الْمَحَلِّ لَوْلَاهُ لَمَا ثَبَتَ الْمَفْعُولُ وَلِهَذَا يَصِحُّ قَطَعْتُهُ فَمَا انْقَطَعَ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا مُطَاوِعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: ضَرَبْتُهُ فَانْضَرَبَ أَوْ مَا انْضَرَبَ وَلَا قَتَلْتُهُ فَانْقَتَلَ أَوْ مَا انْقَتَلَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ إِذَا صَدَرَتْ مِنَ الْفَاعِلِ ثَبَتَ لَهَا الْمَفْعُولُ فِي الْمَحَلِّ وَالْفَاعِلُ مُسْتَقِلٌّ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي لَا مُطَاوِعَ لَهَا فَالْإِيتَاءُ إِذَنْ أَقْوَى مِنَ الْإِعْطَاءِ


الصفحة التالية
Icon