وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى استحياء﴾ بعد قوله: ﴿قالت إحداهما﴾ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى هِيَ الثَّانِيَةُ وَأَلَّا تَكُونَ
وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فتذكر إحداهما الأخرى﴾
فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا الثَّانِيَةُ مَفْعُولًا فَالِاسْمُ الْأَوَّلُ هُوَ الثَّانِي عَلَى قَاعِدَةِ الْمَعْرِفَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ فَاعِلًا فَهُمَا وَاحِدٌ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَأَكْثَرُ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّ الْإِعْرَابَ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ فِي وَاحِدٍ مِنَ الِاسْمَيْنِ تَعَيَّنَ كَوْنُ الْأَوَّلِ فَاعِلًا خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فما زالت تلك دعواهم﴾
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ﴾، فَالْكِتَابُ الْأَوَّلُ مَا كَتَبُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ كَرَّرَهُ بقوله: ﴿فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم﴾ وَالْكِتَابُ الثَّانِي التَّوْرَاةُ وَالثَّالِثُ جِنْسُ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ مَا هُوَ مِنْ شَيْءٍ فِي كتب الله تعالى وكلامه قاله الرَّاغِبُ
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا نَكِرَتَيْنِ فَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَكَانَ الْمُنَاسِبُ هُوَ التَّعْرِيفُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مَعْهُودًا سَابِقًا قَالُوا وَالْمَعْنَى فِي هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ النَّكِرَةَ تَسْتَغْرِقُ الْجِنْسَ وَالْمَعْرِفَةَ تَتَنَاوَلُ الْبَعْضَ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ وَالْمَشْهُورُ فِي تَمْثِيلِ هَذَا الْقِسْمِ الْيُسْرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾


الصفحة التالية
Icon