رابعا: إن وجود سورة أو جزء منها وسورة أخرى أو جزء منها بترتيب مخالف للترتيب القرآني على ورقة واحدة لا يدل على وجود نسخة للقرآن بترتيب مختلف، لأنه كان من عادة المسلمين من البداية - ولا يزال - جمع سور مختارة في مؤلف صغير، وذلك للتحفيظ أو الدراسة أو التدريس في مختلف المراحل التعليمية، ومن الطبيعي أنه قبل ظهور فن الطباعة كان هذا النوع من المجموعات يعد عن طريق النسخ. فليس غريبا أن توجد مخطوطات فيها سور باختلاف الترتيب القرآني، خصوصا تلك التي توجد في المساجد التي كانت مدارس للتعليم بلا استثناء.
وحتى وجود نسخة كاملة للقرآن بترتيب مختلف للسور لا يدل البتة على أن قرآنا مختلفا كان بأيدي المسلمين في وقت ما، إلا إذا ثبت أن ذلك كان مقبولاً ومعمولا بها لديهم، وذلك نظرا لما يقوم به بعض الناس من حين إلى آخر لنشر القرآن بترتيب السور حسب أوقات أو ترتيب نزولها. فرودويل (A. Rodwell) - مثلا - قام بترجمة معاني القرآن إلى اللغة الإنجليزية، ورتَّب فيها السور حسب أوقات نزولها، وسمّاها: The Coran: Translation with Suras ﷺrranged Chronologically، وفي ١٩١١ تبعه رجل مسلم من البنغال فقام بترجمة جديدة لمعاني القرآن ورتَّب فيها السور حسب أوقات النزول (١). كما قام ر. بيل (Richard رضي الله عنell) بترجمة أخرى على المنهج نفسه في سنة ١٩٣٧ (٢). وقد عرفنا أن من أهداف المستشرقين إعداد ما يسمونه
(٢) انظر: R. رضي الله عنell: The Quran: Translated with a Critical Rearrangement with the Suras، T. & T. Clark< ﷺ dinburgh، ١٩٣٧