لَمَّا أُخْرِجَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّا لِلَّهِ [وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ] لَنَهْلَكَنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَكُونُ قِتَالٌ.
[٣١٤] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ... الآية. [٥٢].
«٦٢٣» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا رَأَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم تَوَلِّيَ قَوْمِهِ عَنْهُ، وَشَقَّ عَلَيْهِ مَا رَأَى مِنْ مُبَاعَدَتِهِمْ عَمَّا جَاءَهُمْ بِهِ، تَمَنَّى فِي نَفْسِهِ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَا يُقَارِبُ بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ، وَذَلِكَ لِحِرْصِهِ عَلَى إِيمَانِهِمْ. فَجَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي نَادٍ مِنْ أَنْدِيَةِ قُرَيْشٍ كَثِيرٍ أَهْلُهُ، وَأَحَبَّ يَوْمَئِذٍ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ يَنْفِرُونَ عَنْهُ، وَتَمَنَّى ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى سُورَةَ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى فَقَرَأَهَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حَتَّى بَلَغَ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ لِمَا كَانَ يُحَدِّثُ به نفسه ويتمناه: «تِلْكَ الْغَرَانِيقَ الْعُلَى، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى» فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ فَرِحُوا، وَمَضَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فِي قِرَاءَتِهِ فَقَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا، وَسَجَدَ فِي آخِرِ السُّورَةِ، فَسَجَدَ الْمُسْلِمُونَ بِسُجُودِهِ وَسَجَدَ جَمِيعُ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ إِلَّا سَجَدَ إِلَّا الْوَلِيدَ بن المغيرة وأبو أُحَيْحَةَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، فَإِنَّهُمَا أَخَذَا حَفْنَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ ورفعاها إلى جبهتيهما وَسَجَدَا عَلَيْهَا، لِأَنَّهُمَا كَانَا شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَلَمْ يَسْتَطِيعَا السُّجُودَ وَتَفَرَّقَتْ قُرَيْشٌ وَقَدْ سَرَّهُمْ مَا سَمِعُوا، وَقَالُوا: قَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ آلِهَتَنَا بأحسن الذكر، وقالوا: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ
وأخرجه أحمد في مسنده (١/ ٢١٦) وابن جرير (١٧/ ١٢٣).
وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٦٦، ٢٤٦)، (٣/ ٧) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(٦٢٣) ذكر ذلك السيوطي في الدر (٤/ ٣٦٧) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية، وقد ذكر لها السيوطي طرقاً كثيرة وكلها مرسلة ومنقطعة واللَّه أعلم.
وقد نقد هذه القصة كثير من النقاد انظر (الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ص ٣١٤- ٣٢٢).