المسلمين القراءة والكتابة١.
وبدأت الكتابة تنتشر في كل ناحية من النواحي التي يفتحها المسلمون، ووضع العلماء لها من القواعد والموازين والتحسينات حتى اكتملت على الصورة التي هي عليها الآن.
وكان لعلماء الكوفة في ذلك الفضل الأكبر، حتى نسبت الكتابة إليهم، ثم لعلماء البصرة بعد ذلك، حتى جاء أبو علي: محمد بن مقلة، وزير المقتدر بالله، أحد خلفاء الدولة العباسية، فحول الكتابة الكوفية إلى صورتها الحالية، وحذا حذوه أبو الحسن: علي بن هلال البغدادي، المعروف بابن البواب، وتبعهما على ذلك كثير من العلماء، حتى وصلت الكتابة العربية إلى ما هي عليه الآن، من جمال الرونق، وحسن التركيب٢.
والأصل في الكتابة: أن تكتب الكلمة كما ينطق بها تماما، من غير زيادة ولا نقصان، ولا تبديل ولا تغيير، مع مراعاة الابتداء بها، والوقف عليها، ويطلق على ذلك: الرسم القياسي.
أما كتابة القرآن الكريم: فأحيانا تكتب الكلمة كما ينطق بها، وأحيانا أخرى تخالف هذه القاعدة، كلفظ "الصلاة" كتبت "الصلوة" بالواو مع أنها تنطق بالألف، وكذلك لفظ "الزكاة" تكتب "الزكوة".
ومثل: حذف الألف أو الواو أو الياء من بعض الكلمات، أو زيادة حرف، أو كتابة هاء التأنيث بالتاء، وغير ذلك من الأحكام التي أطلق عليها اسم "الرسم العثماني" أو الرسم الاصطلاحي٣.
وقد استنبط العلماء هذه القواعد مما كتبه الصحابة -رضي الله عنهم- في المصاحف نقلا عما كتب في حضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأقرهم عليه.
٢ انظر: المزهر للسيوطي "٤/ ٣٤٩"، عيون الأخبار لابن قتيبة "١/ ٢٣".
٣ يذكر العلماء أن الخط ثلاثة أقسام: خط يتبع فيه الاقتداء بما فعله الصحابة -رضي الله عنهم- وهو رسم المصحف. وخط يتبع فيه ما يتلفظ به المتكلم، ويسقط ما يحذفه، وهو خط العروض، ولذلك يكتبون التنوين ويحذفون همزة الوصل؛ لأنه لا ينطق بها، والقسم الثالث: الخط القياسي: وهو تصوير الكلمة بحروف هجائها، بتقدير الابتداء بها والوقوف عليها.
انظر: البرهان الزركشي "١/ ٣٧٦". لطائف الإشارات لفنون القراءات للقسطلاني "١/ ٥١"، شرح مورد الظمآن للخراز "١/ ٦ وما بعدها"، لطائف البيان في رسم القرآن للشيخ أحمد أبو زيتحار "١/ ٦٤".