طبيعة كتابة المصاحف العثمانية:
للعلماء في طبيعة كتابة هذه المصاحف خلاف طويل، هل كانت مشتملة على الأحرف السبعة كلها، أو على حرف واحد منها، أو على ما يحتمله الرسم من هذه الأحرف.
في هذه المسألة ثلاثة آراء:
الرأي الأول:
أنها نسخت على حرف واحد من الأحرف السبعة، بسبب اختلاف الناس في القرءاة -كما تقدم- فأراد عثمان -رضي الله عنه- جمع الناس على حرف واحد هو حرف قريش، بدليل قوله -رضي الله عنه- للقرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، أي بلهجتهم وطريقتهم في القراءة، وكان زيد مدنيا من الأنصار.
ومما استدل به أصحاب هذا المذهب: ما رواه أبو داود عن سويد بن غفلة قال: "قال علي: لا تقولوا في عثمان إلا خيرا، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا. قال١: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفرا، قلنا: فما ترى؟ قال: أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة ولا اختلاف. قلنا: فنعم ما رأيت".
قال المحقق ابن الجزري: نقلا عن الإمام الطبري وغيره: "إن القراءة على الأحرف السبعة لم تكن واجبة على الأمة، وإنما كان ذلك جائزا لهم، ومرخصا فيه، وقد جعل لهم الاختيار في أي حرف قرءوا به، كما في الأحاديث الصحيحة٢. قالوا: فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد، اجتمعوا على ذلك اجتماعا سائغا، وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة، ولم يكن في ذلك ترك لواجب، ولا
٢ يريد: الأحاديث الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف وجاء في بعضها: "... فأي حرف قرءوا أصابوا".