المصحف الواحد مرتين أو أكثر، لما في ذلك من الخلط والتغيير.
وهذا النوع كتب في كل مصحف على حسب ما يقرأ أهل الذي سيرسل إليه المصحف، وبذلك تكون المصاحف -في مجموعها- مشتملة على ما صح نقله، ولم تنسخ تلاوته، لا أن كل مصحف كان مشتملا على جميع هذه الأحرف.
قال الإمام أبو عمرو الداني:
"فإن سأل سائل عن السبب الموجب لاختلاف مرسوم هذه الحروف الزوائد في المصاحف.
قلت: السبب عندنا أن أمير المؤمنين "عثمان بن عفان" -رضي الله عنه- لما جمع القرآن في المصاحف ونسخها على صورة واحدة، وآثر في رسمها لغة قريش دون غيرها، مما لا يصح ولا يثبت، نظرا للأمة، واحتياطا على أهل الملة، وثبت عنده أن هذه الحروف من عند الله -عز وجل- كذلك منزلة، ومن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسموعة، وعلم أن جميعها في مصحف واحد على تلك الحال غير متمكن إلا بإعادة الكلمة مرتين، وفي رسم ذلك كذلك من التخليط والتغيير ما لا خفاء به، ففرقها من المصاحف، لذلك جاءت مثبتة في بعضها، ومحذوفة من بعضها، لكن تحفظها الأمة كما نزلت من عند الله -عز وجل- وعلى ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهذا سبب مرسومها في المصاحف أهل الأمصار"١.
ومن أمثلة ما اختلفت فيه المصاحف:
١- قوله تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ٢.
قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر "وأوصى"، وقرأ الباقون: ﴿وَوَصَّى﴾ ولذلك رسمت في مصحف أهل المدينة ومصحف أهل الشام: "وأوصى"

١ المقنع ص١١٢.
٢ سورة البقرة الآية "١٣٢".


الصفحة التالية
Icon