القراءات تابعا لرسم المصحف، لم يكن اختلاف القراء مقصورا على موضع الفاتحة، بل كان يتناول الموضعين الآخرين، لكنهم اختلفوا في موضع الفاتحة، واتفقوا في موضعي آل عمران والناس.
فدل هذا على أن القراءات لم تكن بالاختيار والاجتهاد، ولم يكن تنوعها تابعا للخط والرسم، وإنما هو تابع للسند والرواية والنقل"١.
ثالثا: أن هذه الدعوى -دعوى خطأ الصحابة- لو صحت لأدى ذلك إلى ثبوت التحريف في القرآن الكريم، وهذا يتنافى مع وعد الله -تعالى- بحفظه. قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ٢.
أما وحفظ الله تعالى لكتابه حقيقة قائمة، فإن الخطأ ينتفي، وبالتالي ينتفي جهل كتاب الوحي، المؤدي إلى الخطأ في رسم كلمات حفظه الله، وأكد حفظه منزله الحكيم الخبير٣.
رابعا: مناقشة الآثار:
ناقش العلماء ما ورد عن عثمان وعائشة -رضي الله عنهما- من آثار تدل على وجود أخطاء في كتابة المصاحف على النحو التالي:
أ- فبالنسبة للأخبار المنقولة عن "عثمان" -رضي الله عنه- فقد تقدم أنها غير صحيحة من حيث السند، ومثلها لا تقوم به حجة، كما قال العلماء.
ولو سلمنا بصحتها، فيجب تأويلها بما يتفق مع المعنى الذي به تصح، ولا يتعارض مع ما هو ثابت بالدليل القطعي من حفظ الله تعالى لكتابه من التحريف والتبديل والخطأ، كما يتفق مع مكانة "عثمان" -رضي الله عنه- وغيرته على كتاب الله تعالى، وإلا فكيف يهب لنسخ المصاحف خوفا من وقوع اللحن والخطأ في وجوه القراءات، ثم يقر ذلك في المصاحف؟!
٢ سورة الحجر الآية "٩".
٣ انظر: رسم المصحف للدكتور لبيب السعيد ص٢٤.