٢- الدلالة على بعض لغات العرب:
الخاصية الثانية التي يختص به الرسم العثماني: أن فيه دلالة على بعض لغات العرب، وهم يفتخرون بأن القرآن نزل بلغتهم، وكتب -أيضا- على لغتهم.
ومن أمثلة ذلك: كتابة هاء التأنيث تاء مفتوحة في بعض المواضع، للإيذان بجواز الوقف عليها بالتاء على لغة "طيئ"، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ ١، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ ٢ كتبت في سورة إبراهيم بالتاء، وفي سورة النحل بالهاء، للدلالة على بعض لغات العرب.
ومن أمثلة ما جاء محققا لبعض لغات العرب: حذف ياء المضارعة من غير جازم على لغة هذيل، كما في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ ٣. فقد حذفت الياء من ﴿يَأْتِ﴾، وليس قبلها جازم٤.
٣- اتصال السند:
من أهم المميزات التي يتميز بها الرسم العثماني: أنه يؤدي إلى اتصال السند إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه لو كان مكتوبا على الرسم القياسي لاستغنى الناس عن التلقي والأخذ عن المشايخ، واكتفوا بالقراءة في المصاحف، فيفوتهم معرفة ما فيه من طرق الأداء من مد وقصر، وإدغام وإظهار، وتحقيق وتسهيل، وفتح وإمالة، وترقيق وتغليظ، وإشمام وروم، وغير ذلك من القواعد التي لا يمكن الوقوف عليها ولا أداؤها بطريقة سليمة إلا بالتلقي والمشافهة، وإلا فكيف ينطق المسلم قوله تعالى: ﴿كهيعص﴾ ﴿حم، عسق﴾ ﴿طسم﴾ ﴿يس﴾ لو لم يسمعها من معلم أو يقرؤها عليه؟
واتصال السند خاصية من الخصائص التي اختصت بها الأمة المحمدية، لا سيما في تلاوة القرآن الكريم٥.
٢ سورة إبراهيم "٣٤" والنحل "١٨".
٣ سورة هود من الآية "١٠٥".
٤ البرهان للزركشي "١/ ٣٧٩".
٥ انظر: تدريب الراوي للسيوطي "٢/ ١٦٠".