وأما قول التابعي نزلت في كذا فهو مرسل فإن تعددت طرقُه قُبِلَ وإلا فلا على الراجح عند المحدثين.
٣- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والدليل على ذلك أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟ ومعنى هذا هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال "بل لأمتي كلهم".
أما صورة السبب فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها منه بمخصص وهو التحقيق وروي عن مالك أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام. ا. هـ. من مذكرة أصول الفقه للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله باختصار ص٢٠٦ و٢١٠.
٤ قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان وغيرها من الآيات كما ستجده إن شاء الله في مواضعه وكذا قد تتعدد الآيات النازلة والسبب واحد كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم "لأستغفرن لك ما لم أنه عنه" فأنزل الله ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾. ونزل في أبي طالب ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ والأمثلة على ذلك كثيرة ستمر بك إن شاء الله.
٥- صيغة سبب النزول إما أن تكون صريحة في السببية وإما أن تكون محتملة. فتكون نصا صريحا إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية.