الْأَئِمَّةِ حَتَّى قَالَ الظَّاهِرِيَّةُ بِأَنَّ الْآيِسَةَ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إِذَا لَمْ تُرَتِّبْ. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ سَبَبَ النُّزُولِ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي عِدَدِ النِّسَاءِ قَالُوا قَدْ بَقِيَ عَدَدٌ مِنْ عِدَدِ النِّسَاءِ لَمْ يُذْكَرْنَ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ فَنَزَلَتْ. أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عَنْ أُبَيٍّ. فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ خِطَابٌ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا حُكْمُهُنَّ فِي الْعِدَّةِ وَارْتَابَ: هَلْ عَلَيْهِنَّ عِدَّةٌ أَوْ لَا؟ وَهَلْ عِدَّتُهُنَّ كَاللَّاتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ لَا؟ فَمَعْنَى ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ إِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ حُكْمُهُنَّ وَجَهِلْتُمْ كَيْفَ يعتدون فَهَذَا حُكْمُهُنَّ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ فَإِنَّا لَوْ تُرِكْنَا وَمَدْلُولَ اللَّفْظِ لَاقْتَضَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ سَفَرًا وَلَا حَضَرًا وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَلَمَّا عُرِفَ سبب نزولها علم أَنَّهَا فِي نَافِلَةِ السَّفَرِ أَوْ فِيمَنْ صَلَّى بِالَاجْتِهَادِ وَبَانَ لَهُ الْخَطَأُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ الآية فَإِنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهَا لَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّعْيَ فَرْضٌ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى عَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ تَمَسُّكًا بِذَلِكَ وَقَدْ رَدَّتْ عَائِشَةُ عَلَى عُرْوَةَ فِي فَهْمِهِ ذَلِكَ بِسَبَبِ نُزُولِهَا وَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ تَأَثَّمُوا مِنَ السَّعْيِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ. فَنَزَلَتْ.
وَمِنْهَا: دَفْعُ تَوَهُّمِ الْحَصْرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا مَعْنَاهُ فِي قَوْلِهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً﴾ الآية: أَنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا حَرَّمُوا مَا أَحَلَّ


الصفحة التالية
Icon