وفي ذي القعدة وفي ذي الْحِجَّةِ وَفِي الْمُحَرَّمِ وَصَفَرَ وَشَهْرِ رَبِيعٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّهُ أنزل في رمضان لَيْلَةِ الَقَدْرِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ رَسْلًا فِي الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: قَوْلُهُ: "رَسْلًا " أَيْ رِفْقًا وَعَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ أَيْ عَلَى مثل مَسَاقِطُهَا يُرِيدُ: أُنْزِلَ فِي رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ الَقَدْرِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَى مَا وَقَعَ مُفَرَّقًا يَتْلُو بَعْضُهُ بَعْضًا عَلَى تُؤَدَةٍ وَرِفْقٍ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ نزل إلى السماء الدُّنْيَا فِي عِشْرِينَ لَيْلَةِ قَدْرٍ أو ثلاث وَعِشْرِينَ أَوْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مَا يُقَدِّرُ الِلَّهُ إِنْزَالَهُ فِي كُلِّ السَّنَةِ ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُنَجَّمًا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ. وَهَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ بَحْثًا فَقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يُنْزِلُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى إِنْزَالِهِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ اللَّوْحِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. ثُمَّ تَوَقَّفَ هَلْ هَذَا أَوْلَى أَوِ الْأَوَّلُ!.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهَذَا الَّذِي جَعَلَهُ احْتِمَالًا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَحَكَى الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ نَزَلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِ مُقَاتِلٍ الْحَلِيمِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ آخِرُ الْقُرْآنِ عَهْدًا بِالْعَرْشِ آيَةُ الدَّيْنِ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ ابْتُدِئَ إِنْزَالُهُ فِي لَيْلَةِ الَقَدْرِ ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُنَجَّمًا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ: قَالَ:


الصفحة التالية
Icon