فَصْلٌ: فِي تَحْرِيرِ السُّوَرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا
سُورَةُ الْفَاتِحَةِ: الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ بَلْ وَرَدَ أَنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي﴾ وقد فسرها بِالْفَاتِحَةِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ وَسُورَةُ الْحِجْرِ مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ وَقَدِ امْتَنَّ عَلَى رَسُولِهِ فِيهَا بِهَا فَدَلَّ عَلَى تَقَدُّمِ نُزُولِ الْفَاتِحَةِ عَلَيْهَا إِذْ يَبْعُدُ أَنْ يَمْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا لَمْ يَنْزِلْ بَعْدُ وَبِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَانَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يُحْفَظْ أَنَّهُ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ صَلَاةٌ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ.
وقد روى الواحدي والثعلبي مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ بِمَكَّةَ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ.
وَاشْتُهِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ أَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي الْفَضَائِلِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ هَذِهِ هَفْوَةٌ مِنْ مُجَاهِدٍ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ الْقَوْلَ بِذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَسَوَادَةَ بْنِ زِيَادٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ.
وَوَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الأوسط: حدثنا عبيد ابن غَنَّامٍ نَبَّأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَبَّأَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ


الصفحة التالية
Icon