فَائِدَةٌ:
إِذَا دَخَلَتْ عَلَى " رَأَيْتَ " امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَصَرِ أَوِ الْقَلْبِ وَصَارَ بِمَعْنَى " أخبرني " وقد تبدل " ها "، وَخَرَجَ عَلَى ذَلِكَ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ﴾ بِالْقَصْرِ وَقَدْ تَقَعُ فِي الْقَسَمِ وَمِنْهُ مَا قرئ ﴿وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ﴾ بِالتَّنْوِينِ ﴿اللَّهِ﴾ بِالْمَدِّ.
الثَّانِي: مِنْ وَجْهَيِ الْهَمْزَةِ أَنْ تَكُونَ حَرْفًا يُنَادَى بِهِ الْقَرِيبُ وَجَعَلَ مِنْهُ الفراء: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ عَلَى قِرَاءَةِ تَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ صَاحِبُ هَذِهِ الصِّفَاتِ.
قَالَ هِشَامٌ: وَيُبْعِدُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّنْزِيلِ نِدَاءٌ بِغَيْرِ يَاءٍ وَيُقَرِّبُهُ سَلَامَتُهُ مِنْ دَعْوَى الْمَجَازِ إِذْ لَا يَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ مِنْهُ تَعَالَى عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمِنْ دَعْوَى كَثْرَةِ الْحَذْفِ إِذِ التَّقْرِيرُ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهَا لِلِاسْتِفْهَامِ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ خَيْرٌ أَمْ هَذَا الْكَافِرُ. أَيْ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً﴾، فَحُذِفَ شَيْئَانِ: مُعَادِلُ الْهَمْزَةِ وَالْخَبَرُ.
أَحَدٌ
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الزِّينَةِ: هُوَ اسْمٌ أَكْمَلُ مِنَ الْوَاحِدِ أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ فُلَانٌ لَا يَقُومُ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ فِي الْمَعْنَى أن يقوم اثنا فَأَكْثَرُ بِخِلَافِ قَوْلِكَ: لَا يَقُومُ لَهُ أَحَدٌ.
وَفِي الْأَحَدِ خُصُوصِيَّةٌ لَيْسَتْ فِي الْوَاحِدِ تَقُولُ: لَيْسَ فِي الدَّارِ وَاحِدٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ وَالْوَحْشِ وَالْإِنْسِ فَيَعُمُّ النَّاسَ وَغَيْرَهُمْ بِخِلَافِ لَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْآدَمِيِّينَ دُونَ غَيْرِهِمْ.