الثَّانِي: أَنْ يُرَاعِيَ مَا تَقْتَضِيهِ الصِّنَاعَةُ فَرُبَّمَا رَاعَى الْمُعْرِبُ وَجْهًا صَحِيحًا وَلَا يَنْظُرُ فِي صِحَّتِهِ فِي الصِّنَاعَةِ فَيُخْطِئُ.
مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: ﴿وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى﴾ : إن ثمودا مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ لِـ" مَا " النَّافِيَةِ الصَّدْرُ فَلَا يَعْمَلُ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " عَادًا " أَوْ على تقدير: "وأهلك ثمودا ".
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي: ﴿لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾، ﴿لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ إِنَّ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقٌ بَاسِمِ لَا وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ اسْمَ " لَا " حِينَئِذٍ مُطَوَّلٌ فَيَجِبُ نَصْبُهُ وَتَنْوِينُهُ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ.
وَقَوْلُ الْحَوْفِيِّ: إِنَّ الْبَاءَ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ" نَاظِرَةٌ " وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَهُ الصَّدْرُ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ.
وَكَذَا قَوْلُ غَيْرِهِ فِي: ﴿مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا﴾ إِنَّهُ حَالٌ مِنْ مَعْمُولِ " ثُقِفُوا " أَوْ " أُخِذُوا " بَاطِلٌ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَهُ الصَّدْرُ بَلْ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الذَّمِّ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مليا بالعربية لئلا يخرج عل مَا لَمْ يَثْبُتْ كَقَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ﴾ : إِنَّ الْكَافَ قَسَمٌ حَكَاهُ مَكِّيٌّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَشَنَّعَ ابْنُ الشَّجَرِيِّ عَلَيْهِ فِي سُكُوتِهِ وَيُبْطِلُهُ أَنَّ الْكَافَ لَمْ تَجِئْ


الصفحة التالية
Icon