بِخِلَافِهَا وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ عَلَى مُقْتَضَى الرَّسْمِ فَلَا وَقَدْ تَكَلَّمَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى هَذِهِ الْأَحْرُفِ وَوَجَّهُوهَا عَلَى أَحْسَنِ تَوْجِيهٍ.
أَمَّا قَوْلُهُ: ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ فَفِيهِ أَوْجُهٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ جَارٍ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُجْرِي الْمُثَنَّى بِالْأَلِفِ فِي أَحْوَالِهِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ لُغَةٌ مَشْهُورَةٌ لِكِنَانَةَ، وَقِيلَ: لِبَنِي الْحَارِثِ.
الثَّانِي: أَنَّ اسْمَ " إِنَّ " ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفًا وَالْجُمْلَةُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ خَبَرُ إِنَّ.
الثَّالِثُ: كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ " سَاحِرَانِ " خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ: لَهُمَا سَاحِرَانِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ " إِنْ " هُنَا بِمَعْنَى: نَعَمْ.
الْخَامِسُ: أَنَّ " هَا " ضَمِيرُ الْقِصَّةِ اسْمُ إِنَّ وَ " ذَانِ لَسَاحِرَانِ " مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَتَقَدَّمَ رَدُّ هَذَا الْوَجْهِ بِانْفِصَالِ " إِنْ " واتصال ها فِي الرَّسْمِ.
قُلْتُ: وَظَهَرَ لِي وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْأَلِفِ لِمُنَاسَبَةِ " سَاحِرَانِ يُرِيدَانِ " كَمَا نون ﴿سَلاسِلا﴾ لمناسبة ﴿وَأَغْلالاً﴾ و ﴿سَبَأٍ﴾ لمناسبة ﴿بِنَبَأٍ﴾.
وأما قوله: ﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ﴾ فَفِيهِ أَيْضًا أَوْجُهٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَقْطُوعٌ إِلَى الْمَدْحِ بِتَقْدِيرِ: "أَمْدَحُ " لِأَنَّهُ أَبْلَغُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ فِي: ﴿يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ أَيْ وَيُؤْمِنُونَ بِالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ. وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ وَقِيلَ: