وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ} ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾.
وَإِنْ كَانَا نَكِرَتَيْنِ فَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ غَالِبًا وَإِلَّا لَكَانَ الْمُنَاسِبُ هُوَ التَّعْرِيفُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مَعْهُودًا سَابِقًا نَحْوَ: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً﴾ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالضَّعْفِ الْأَوَّلِ النُّطْفَةُ وَبِالثَّانِي الطُّفُولِيَّةُ وَبِالثَّالِثِ الشَّيْخُوخَةُ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ الْفَائِدَةُ فِي إِعَادَةِ لَفْظِ الشَّهْرِ الْإِعْلَامُ بِمِقْدَارِ زَمَنِ الْغُدُوِّ وَزَمَنِ الرَّوَاحِ وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي تَأْتِي مُبَيِّنَةً لِلْمَقَادِيرِ لَا يَحْسُنُ فِيهَا الْإِضْمَارُ وَلَوْ أُضْمِرَ فَالضَّمِيرُ إِنَّمَا يَكُونُ لِمَا تَقَدَّمَ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِيَّتِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجَبَ الْعُدُولُ عَنِ الْمُضْمَرِ إِلَى الظَّاهِرِ.
وَقَدِ اجْتَمَعَ الْقِسْمَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾ فَالْعُسْرُ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ وَالْيُسْرُ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآيَةِ: "لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ".
وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ نَكِرَةً وَالثَّانِي مَعْرِفَةً فَالثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ حَمْلًا عَلَى الْعَهْدِ نَحْوَ: ﴿أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ ﴿فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ﴾ ﴿إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ﴾ ﴿مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ﴾.
وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَعْرِفَةً وَالثَّانِي نَكِرَةً فَلَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بَلْ يُتَوَقَّفُ عَلَى الْقَرَائِنِ