مَا أَحَلَّ حَرَامًا مِنَ الصُّلْحِ أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ وَكَذَا آيَةُ الْقِتَالِ لَيْسَ الثَّانِي فِيهَا عَيْنَ الْأَوَّلِ بِلَا شَكٍّ لِأَنَّ المراد بالأول المسؤول عَنْهُ الْقِتَالُ الَّذِي وَقَعَ فِي سَرِيَّةِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ لِأَنَّهُ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ وَالْمُرَادَ بِالثَّانِي جِنْسُ الْقِتَالِ لَا ذَاكَ بِعَيْنِهِ وَأَمَّا آيَةُ ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ﴾ فَقَدْ أَجَابَ عَنْهَا الطَّيْبِيُّ أَنَّهَا مِنْ بَابِ التَّكْرِيرِ لِإِفَادَةِ أَمْرٍ زَائِدٍ بِدَلِيلِ تَكْرِيرِ ذِكْرِ الرَّبِّ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ﴾ وَوَجْهُهُ الْإِطْنَابُ فِي تَنْزِيهِهِ تَعَالَى عَنْ نِسْبَةِ الْوَلَدِ إِلَيْهِ وَشَرْطُ الْقَاعِدَةِ أَلَّا يُقْصَدَ التَّكْرِيرُ.
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: إِنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِ الِاسْمِ مَرَّتَيْنِ كَوْنُهُ مَذْكُورًا فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ أَوْ كَلَامَيْنِ بَيْنَهُمَا تَوَاصُلٌ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَعْطُوفًا عَلَى الْآخَرِ وَلَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ ظَاهِرٌ وَتَنَاسُبٌ وَاضِحٌ وَأَنْ يَكُونَا مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ وَدَفَعَ بِذَلِكَ إِيرَادَ آيَةِ الْقِتَالِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهَا مَحْكِيٌّ عَنْ قَوْلِ السَّائِلِ وَالثَّانِيَ مَحْكِيٌّ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَاعِدَةٌ:
فِي الْإِفْرَادِ وَالْجَمْعِ
مِنْ ذَلِكَ " السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ " حَيْثُ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ الْأَرْضِ فَإِنَّهَا مُفْرَدَةٌ وَلَمْ تجمع - بخلاف السموات - لِثِقَلِ جَمْعِهَا وَهُوَ أَرَضُونَ وَلِهَذَا لَمَّا أُرِيدَ ذِكْرُ جَمِيعِ الْأَرَضِينَ قَالَ: ﴿وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ وَأَمَّا السَّمَاءُ،