وقال الصيرفي: جماع الاختلاف والتناقص أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ صَحَّ أَنْ يُضَافَ بَعْضُ مَا وَقَعَ الِاسْمُ عَلَيْهِ إِلَى وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَنَاقُضٌ وَإِنَّمَا التَّنَاقُضُ فِي اللَّفْظِ مَا ضَادَّهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَلَا يُوجَدُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَبَدًا وَإِنَّمَا يُوجَدُ فِيهِ النَّسْخُ فِي وَقْتَيْنِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ تَعَارُضُ آيِ الْقُرْآنِ وَالْآثَارِ وَمَا يُوجِبُهُ الْعَقْلُ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجْعَلْ قَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ معارضا لقوله: ﴿وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً﴾ ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ﴾ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ أَنَّهُ لَا خَالِقَ غَيْرُ اللَّهِ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُ مَا عَارَضَهُ فَيُؤَوَّلُ "وُتَخْلُقُونَ" عَلَى "تكذبون" وتخلق عَلَى" تُصَوِّرُ".
فَائِدَةٌ
قَالَ الْكَرْمَانِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾ : الِاخْتِلَافُ عَلَى وَجْهَيْنِ اخْتِلَافُ تَنَاقُضٍ وَهُوَ مَا يَدْعُو فِيهِ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ إِلَى خِلَافِ الْآخَرِ وَهَذَا هُوَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْقُرْآنِ وَاخْتِلَافُ تَلَازُمٍ وَهُوَ مَا يُوَافِقُ الْجَانِبَيْنِ كَاخْتِلَافِ مَقَادِيرِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ.