كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} وَالْأَفْعَالُ نَحْوُ: ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً﴾ ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ قال في التخليص اتِّبَاعًا لِلسَّكَاكِيِّ: وَرُبَّمَا يُذْكَرُ فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنِ التَّشْبِيهِ فَيُؤْتَى فِي التَّشْبِيهِ الْقَرِيبِ بِنَحْوِ: "عَلِمْتُ زَيْدًا أَسَدًا" الدَّالِّ عَلَى التَّحْقِيقِ
وَفِي الْبَعِيدِ بِنَحْوِ: "حَسِبْتُ زَيْدًا أَسَدًا" الدَّالِّ عَلَى الظَّنِّ وَعَدَمِ التَّحْقِيقِ وخالفه جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الطِّيبِيُّ فَقَالُوا: فِي كَوْنِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ تُنْبِئُ عَنِ التَّشْبِيهِ نَوْعُ خَفَاءٍ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْفِعْلَ يُنْبِئُ عَنْ حَالِ التَّشْبِيهِ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَأَنَّ الْأَدَاةَ مَحْذُوفَةٌ مُقَدَّرَةٌ لِعَدَمِ اسْتِقَامَةِ الْمَعْنَى بِدُونِهِ.
ذِكْرُ أَقْسَامِهِ
يَنْقَسِمُ التَّشْبِيهُ بِاعْتِبَارَاتٍ:
الْأَوَّلُ: بِاعْتِبَارِ طَرَفَيْهِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُمَا إِمَّا حِسِّيَّانِ أَوْ عَقْلِيَّانِ أَوِ الْمُشَبَّهُ بِهِ حِسِّيٌّ وَالْمُشَبَّهُ عَقْلِيٌّ أَوْ عَكْسُهُ
مِثَالُ الْأَوَّلِ: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾
وَمِثَالُ الثَّانِي: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ كَذَا مَثَّلَ بِهِ فِي الْبُرْهَانِ وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ التَّشْبِيهَ وَاقِعٌ فِي الْقَسْوَةِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ هُوَ وَاقِعٌ بَيْنِ الْقُلُوبِ وَالْحِجَارَةِ فَهُوَ مِنَ الْأَوَّلِ.


الصفحة التالية
Icon