مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} اسْتُعِيرَ الْحَبَلُ الْمَحْسُوسُ لِلْعَهْدِ وَهُوَ مَعْقُولٌ ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ اسْتُعِيرَ الصَّدْعُ وَهُوَ كَسْرُ الزُّجَاجَةِ وَهُوَ مَحْسُوسٌ لِلتَّبْلِيغِ وَهُوَ مَعْقُولٌ وَالْجَامِعُ التَّأْثِيرُ وَهُوَ أَبْلَغُ مَنْ "بَلَغَ" وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَاهُ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الصَّدْعِ أَبْلَغُ مِنْ تَأْثِيرِ التَّبْلِيغِ فَقَدْ لَا يُؤَثِّرُ التَّبْلِيغُ وَالصَّدْعُ يُؤَثِّرُ جَزْمًا ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ﴾ قَالَ الرَّاغِبُ لَمَّا كَانَ الذُّلُّ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ يَضَعُ الْإِنْسَانَ وَضَرْبٌ يَرْفَعُهُ وَقُصِدَ فِي هَذَا المكان إلى مَا يَرْفَعُ اسْتُعِيرَ لَفْظُ الْجَنَاحِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ اسْتَعْمِلِ الذُّلَّ الَّذِي يَرْفَعُكَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: ﴿يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا﴾ ﴿فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ﴾ ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى﴾ ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً﴾ ﴿لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾ ﴿فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ كُلُّهَا مِنَ اسْتِعَارَةِ الْمَحْسُوسِ لِلْمَعْقُولِ وَالْجَامِعُ عَقْلِيٌّ.
الْخَامِسُ: اسْتِعَارَةُ مَعْقُولٍ لمحسوس والجماع عَقْلِيٌّ أَيْضًا نَحْوُ: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ﴾ المستعار منه التكبر وَهُوَ عَقْلِيٌّ وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ كَثْرَةُ الْمَاءِ وَهُوَ حِسِّيٌّ وَالْجَامِعُ الِاسْتِعْلَاءُ وهو عقلي أيضا مثله: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ ﴿وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾