هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَمْ نَعْلَمْ مَعْنَاهُ أَوْ لَا بَلْ يَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.
وَتَوَسَّطَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ: إِذَا كَانَ التَّأْوِيلُ قَرِيبًا مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ لَمْ يُنْكَرْ أَوْ بَعِيدًا تَوَقَّفْنَا عَنْهُ وَآمَنَّا بِمَعْنَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ مَعَ التَّنْزِيهِ قَالَ: وَمَا كَانَ مَعْنَاهُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ظَاهِرًا مَفْهُومًا مِنْ تَخَاطُبِ الْعَرَبِ قُلْنَا بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ فَنَحْمِلُهُ عَلَى حَقِّ اللَّهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ.
ذِكْرُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ.
مِنْ ذَلِكَ صِفَةُ الِاسْتِوَاءِ وَحَاصِلُ مَا رَأَيْتُ فِيهَا سَبْعَةَ أَجْوِبَةٍ:
أَحَدُهَا: حَكَى مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ: ﴿اسْتَوَى﴾ بِمَعْنَى اسْتَقَرَّ وَهَذَا إِنْ صَحَّ يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ فَإِنَّ الِاسْتِقْرَارَ يُشْعِرُ بِالتَّجْسِيمِ.
ثَانِيهَا: أَنَّ: ﴿اسْتَوَى﴾ بِمَعْنَى اسْتَوْلَى وَرُدَّ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُسْتَوْلٍ عَلَى الْكَوْنَيْنِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَأَهْلِهِمَا فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَخْصِيصِ الْعَرْشِ وَالْآخَرُ أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ قَهْرٍ وَغَلَبَةٍ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ.
أَخْرَجَ اللَّالَكَائِيُّ فِي السُّنَّةِ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى: ﴿اسْتَوَى﴾ فَقَالَ: هُوَ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ فَقِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَعْنَاهُ (اسْتَوْلَى) ؟