الْعُنْوَانِ وَالْكِتَابِ وَالْحَاجَةِ وَقِيلَ فِي وَصْفٍ بَلِيغٍ: كَانَتْ أَلْفَاظُهُ قَوَالِبَ مَعْنَاهُ قُلْتُ وَهَذَا رَأْيُ مَنْ يُدْخِلُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْإِيجَازِ.
الثَّانِي: إِيجَازُ التَّقْدِيرِ وَهُوَ أَنْ يُقَدَّرَ معنى زائد عَلَى الْمَنْطُوقِ وَيُسَمَّى بِالتَّضْيِيقِ أَيْضًا وَبِهِ سَمَّاهُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ مَالِكٍ فِي الْمِصْبَاحِ لِأَنَّهُ نَقَصَ مِنَ الْكَلَامِ مَا صَارَ لَفْظُهُ أَضْيَقَ مِنْ قَدْرِ مَعْنَاهُ نَحْوُ: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ أَيْ خَطَايَاهُ غُفِرَتْ فَهِيَ لَهُ لَا عَلَيْهِ ﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ أي للضالين الصَّائِرِينَ بَعْدَ الضَّلَالِ إِلَى التَّقْوَى.
الثَّالِثُ: الْإِيجَازُ الْجَامِعُ وَهُوَ أَنْ يَحْتَوِيَ اللَّفْظُ عَلَى مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ نَحْوُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ﴾ الْآيَةَ فَإِنَّ الْعَدْلَ هُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ طَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ الْمُومَى بِهِ إِلَى جَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْعُبُودِيَّةِ وَالْإِحْسَانُ هُوَ الْإِخْلَاصُ فِي وَاجِبَاتِ الْعُبُودِيَّةِ لِتَفْسِيرِهِ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ" أَيْ تَعَبُّدَهُ مُخْلِصًا فِي نِيَّتِكَ وَوَاقِفًا فِي الْخُضُوعِ آخِذًا أُهْبَةَ الْحَذَرِ إِلَى مَا لَا يُحْصَى ﴿وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ هُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاجِبِ مِنَ النَّوَافِلِ هَذَا فِي الْأَوَامِرِ. وَأَمَّا النواهي
فبالفحشاء الإشارة إلى القوة الشهوانية وبالمنكر إِلَى الْإِفْرَاطِ الْحَاصِلِ مِنْ آثَارِ الْغَضَبِيَّةِ أَوْ كُلِّ مُحَرَّمٍ شَرْعًا وبالبغي إِلَى الِاسْتِعْلَاءِ الْفَائِضِ عَنِ الْوَهْمِيَّةِ
قُلْتُ: وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَجْمَعُ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَخْرَجَهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَهَا يَوْمًا ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمَعَ لَكُمُ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَالشَّرَّ كُلَّهُ فِي آيَةٍ


الصفحة التالية
Icon