الثَّانِي: ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ أَنَّ مِنَ الْإِيجَازِ نَوْعًا يُسَمَّى التَّضْمِينُ وَهُوَ حُصُولُ مَعْنًى فِي لَفْظٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لَهُ بِاسْمٍ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْهُ قَالَ وَهُوَ نَوْعَانِ: أحدهما ما يفهم من البنية كَقَوْلِهِ مَعْلُومٌ فَإِنَّهُ يُوجِبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَالِمٍ وَالثَّانِي من معنى العبارة كبسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّهُ تَضَمَّنَ تَعْلِيمَ الِاسْتِفْتَاحِ فِي الْأُمُورِ بِاسْمِهِ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالتَّبَرُّكِ بِاسْمِهِ
الثَّالِثُ: ذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَصَاحِبُ عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ إِيجَازِ الْقَصْرِ بَابُ الْحَصْرِ سَوَاءً كَانَ بِإِلَّا أَوْ بِإِنَّمَا أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَدَوَاتِهِ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ فِيهَا نَابَتْ مَنَابَ جُمْلَتَيْنِ وَبَابُ الْعَطْفِ لِأَنَّ حَرْفَهُ وُضِعَ لِلْإِغْنَاءِ عَنْ إِعَادَةِ الْعَامِلِ
وَبَابُ النَّائِبِ عَنِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى الْفَاعِلِ بِإِعْطَائِهِ حُكْمَهُ وَعَلَى الْمَفْعُولِ بِوَضْعِهِ وَبَابُ الضَّمِيرِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِلِاسْتِغْنَاءِ بِهِ عَنِ الظَّاهِرِ اخْتِصَارًا وَلِذَا لَا يُعْدَلُ إِلَى الْمُنْفَصِلِ مَعَ إِمْكَانِ الْمُتَّصِلِ وَبَابُ عَلِمْتُ أَنَّكَ قَائِمٌ لِأَنَّهُ متحمل لِاسْمٍ وَاحِدٍ سَدَّ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ
وَمِنْهَا بَابُ التَّنَازُعِ إِذَا لَمْ نُقَدِّرْ عَلَى رأي الفراء ومنها طرح المفعول اقتصارا على جعل المتعدي كاللازم وسيأتي تحريره
ومنها جميع أَدَوَاتِ الِاسْتِفْهَامِ وَالشَّرْطِ فَإِنَّ "كَمْ مَالُكَ" يُغْنِي عَنْ
قَوْلِكَ "أَهْوَ عِشْرُونَ أَمْ ثَلَاثُونَ؟ " وَهَكَذَا إِلَى مَا لَا يَتَنَاهَى
وَمِنْهَا الْأَلْفَاظُ اللَّازِمَةُ لِلْعُمُومِ كَأَحَدٍ
وَمِنْهَا لَفْظُ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ فَإِنَّهُ يُغْنِي عَنْ تَكْرِيرِ الْمُفْرَدِ وَأُقِيمَ الْحَرْفُ فِيهِمَا مَقَامَهُ اخْتِصَارًا
وَمِمَّا يَصْلُحُ أَنْ يُعَدَّ مِنْ أَنْوَاعِهِ الْمُسَمَّى بِالِاتِّسَاعِ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ وَهُوَ


الصفحة التالية
Icon