وَكَذَا قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ﴾ أَيْ لَرَأَيْتَ أَمْرًا فَظِيعًا لَا تَكَادُ تُحِيطُ بِهِ الْعِبَارَةُ
وَمِنْهَا التَّخْفِيفُ لِكَثْرَةِ دَوَرَانِهِ فِي الْكَلَامِ كَمَا فِي حَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ نَحْوِ: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ﴾ ونون "لم يك" وَالْجَمْعُ السَّالِمُ وَمِنْهُ قِرَاءَةُ ﴿وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ﴾ وياء ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾ وَسَأَلَ الْمُؤَرَّجُ السَّدُوسِيُّ الْأَخْفَشَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ عَادَةُ الْعَرَبِ أَنَّهَا إِذَا عَدَلَتْ بِالشَّيْءِ عَنْ مَعْنَاهُ نَقَصَتْ حُرُوفُهُ وَاللَّيْلُ لَمَّا كَانَ لَا يَسْرِي وَإِنَّمَا يُسْرَى فِيهِ نَقَصَ مِنْهُ حَرْفٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً﴾ الْأَصْلُ "بَغِيَّةً" فَلَمَّا حُوِّلَ عَنْ فَاعِلٍ نَقَصَ مِنْهُ حَرْفٌ
وَمِنْهَا كَوْنُهُ لَا يَصْلُحُ إِلَّا لَهُ نحو ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾
وَمِنْهَا شُهْرَتُهُ حَتَّى يَكُونَ ذِكْرُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً قال الزمخشري وهو نَوْعٌ مِنْ دَلَالَةِ الْحَالِ الَّتِي لِسَانُهَا أَنْطَقُ مِنْ لِسَانِ الْمَقَالِ وَحُمِلَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ ﴿تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ﴾ لِأَنَّ هَذَا مَكَانٌ شُهِرَ بِتَكَرُّرِ الْجَارِّ فَقَامَتِ الشُّهْرَةُ مَقَامَ الذِّكْرِ
وَمِنْهَا صِيَانَتُهُ عَنْ ذِكْرِهِ تَشْرِيفًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ﴾ الْآيَاتِ حُذِفَ فِيهَا الْمُبْتَدَأُ فِي ثَلَاثَةِ


الصفحة التالية
Icon