مَوَاضِعَ الْحَذْفِ مِنَ الْكَلَامِ شُبِّهَتْ بِالْفُرَجِ بَيْنَ الْخُيُوطِ فَلَمَّا أَدْرَكَهَا النَّاقِدُ الْبَصِيرُ بِصَوْغِهِ الْمَاهِرِ فِي نَظْمِهِ وَحَوْكِهِ فَوَضَعَ الْمَحْذُوفَ مَوَاضِعَهُ كَانَ حَابِكًا لَهُ مَانِعًا مِنْ خَلَلٍ يَطْرُقُهُ فَسَدَّ بِتَقْدِيرِهِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْخَلَلُ مَعَ مَا أَكْسَبَهُ مِنَ الْحُسْنِ وَالرَّوْنَقِ.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: مَا يُسَمَّى بِالِاخْتِزَالِ هُوَ مَا لَيْسَ وَاحِدًا مِمَّا سَبَقَ وَهُوَ أَقْسَامٌ لِأَنَّ الْمَحْذُوفَ إِمَّا كَلِمَةٌ اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ أَوْ حَرْفٌ أَوْ أَكْثَرُ.
أَمْثِلَةُ حَذْفِ الاسم:
حذف المضاف هو كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ جِدًّا حَتَّى قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي الْقُرْآنِ مِنْهُ زُهَاءَ أَلْفِ مَوْضِعٍ وَقَدْ سَرَدَهَا الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي كِتَابِهِ "الْمَجَازُ" عَلَى تَرْتِيبِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَمِنْهُ: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ﴾ أَيْ حَجُّ أَشْهُرٍ أَوْ أَشْهُرُ الْحَجِّ ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ﴾ أَيْ ذَا الْبَرِّ أَوْ بِرُّ مَنْ ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ أي نكاح أمهاتكم ﴿إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ أَيْ ضِعفَ عَذَابِ ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ أَيْ وَفِي تَحْرِيرِ الرِّقَابِ
حَذْفُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ يَكْثُرُ فِي يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ نَحْوُ ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي﴾ وَفِي الْغَايَاتِ نَحْوُ: ﴿لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ أَيْ مِنْ قَبْلِ الْغَلَبِ وَمِنْ بَعْدِهِ
وَفِي كُلٍّ وَأَيٍّ وَبَعْضٍ وَجَاءَ فِي غَيْرِهِنَّ كَقِرَاءَةِ ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ بِضَمٍّ بِلَا تَنْوِينٍ أَيْ فَلَا خَوْفَ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ
حَذْفُ الْمُبْتَدَإِ يَكْثُرُ فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ نَحْوُ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ


الصفحة التالية
Icon