وَأَنْكَرَ الْمُبَرِّدُ وُجُودَ هَذَا النَّوْعِ فِي الْقُرْآنِ وَأَوَّلَ مَا سَبَقَ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمَخْلَصُ فِي هَذَا أَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّ مَجْمُوعَ الْمُتَرَادِفَيْنِ يُحَصِّلُ مَعْنًى لَا يُوجَدُ عِنْدَ انْفِرَادِهِمَا فَإِنَّ التَّرْكِيبَ يُحْدِثُ مَعْنًى زَائِدًا وَإِذَا كَانَتْ كَثْرَةُ الْحُرُوفِ تُفِيدُ زِيَادَةَ الْمَعْنَى فَكَذَلِكَ كَثْرَةُ الْأَلْفَاظِ
النَّوْعُ التَّاسِعُ: عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ
وَفَائِدَتُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى فَضْلِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ جِنْسِ الْعَامِّ تَنْزِيلًا لِلتَّغَايُرِ فِي الْوَصْفِ مَنْزِلَةَ التَّغَايُرِ فِي الذَّاتِ.
وَحَكَى أَبُو حَيَّانَ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا الْعَطْفُ يُسَمَّى بِالتَّجْرِيدِ كَأَنَّهُ جُرِّدَ مِنَ الْجُمْلَةِ وَأُفْرِدَ بِالذِّكْرِ تَفْضِيلًا
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى﴾. ﴿مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ﴾ فَإِنَّ إِقَامَتَهَا مِنْ جُمْلَةِ التَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ وَخُصَّتْ بالذكر إظهارا لمرتبتها لِكَوْنِهَا عِمَادَ الدِّينِ وَخُصَّ جِبْرِيلُ ميكائيل بِالذِّكْرِ رَدًّا عَلَى الْيَهُودِ فِي دَعْوَى عَدَاوَتِهِ وَضُمَّ إِلَيْهِ مِيكَائِيلُ لِأَنَّهُ مَلَكُ الرِّزْقِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ الْأَجْسَادِ كَمَا أَنَّ جِبْرِيلَ مَلَكُ الْوَحْيِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ
وَقِيلَ: إِنَّ جِبْرِيلَ ميكائيل لَمَّا كَانَا أَمِيرَيِ الْمَلَائِكَةِ لَمْ يَدْخُلَا فِي لَفْظِ الْمَلَائِكَةِ


الصفحة التالية
Icon