فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْإِنْسَانِ الْأَوَّلِ الْجِنْسُ وَبِالثَّانِي آدَمُ أَوْ مَنْ يَعْلَمُ الْكِتَابَةَ أَوْ إِدْرِيسَ وَبِالثَّالِثِ أَبُو جَهْلٍ
وَمِنْهَا مُرَاعَاةُ التَّرْصِيعِ وَتَوَازُنِ الْأَلْفَاظِ فِي التَّرْكِيبِ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فتذكر إحداهما الأخرى
وَمِنْهَا: أَنْ يَتَحَمَّلَ ضَمِيرًا لَا بُدَّ مِنْهُ ومنه: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا﴾ لَوْ قَالَ: "اسْتَطْعَمَاهَا" لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَطْعِمَا الْقَرْيَةَ أَوْ "اسْتَطْعَمَاهُمْ" فَكَذَلِكَ لَأَنَّ جُمْلَةَ "اسْتَطْعَمَا" صفة لقرية النكرة لَا لِ "أَهْلَ" فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عليها وَلَا يُمْكِنُ إِلَّا مَعَ التَّصْرِيحِ بِالظَّاهِرِ
كَذَا حَرَّرَهُ السُّبْكِيُّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ سَأَلَهُ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ:
أَسَيِّدَنَا قَاضِي الْقُضَاةِ وَمَنْ إِذَا
بَدَا وَجْهُهُ اسْتَحْيَا لَهُ الْقَمَرَانِ
وَمَنْ كَفُّهُ يَوْمَ النَّدَى وَيَرَاعُهُ
عَلَى طِرْسِهِ بَحْرَانِ يَلْتَقِيَانِ
وَمَنْ إِنْ دَجَتْ فِي الْمُشْكِلَاتِ مَسَائِلٌ
جَلَاهَا بِفِكْرٍ دَائِمِ اللَّمَعَانِ
رَأَيْتُ كِتَابَ اللَّهِ أَكْبَرُ مُعْجِزٍ
لَأَفْضَلُ مَنْ يُهْدَى بِهِ الثَّقَلَانِ
وَمِنْ جُمْلَةِ الْإِعْجَازِ كَوْنُ اخْتِصَارِهِ
بِإِيجَازِ أَلْفَاظٍ وَبَسْطِ مَعَانِ
وَلَكِنَّنِي فِي الْكَهْفِ أَبْصَرْتُ آيَةً
بِهَا الْفِكْرُ فِي طُولِ الزَّمَانِ عَنَانِي
وَمَا هِيَ إِلَّا اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَقَدْ
نَرَى اسْتَطْعَمَاهُمْ مِثْلَهُ بِبَيَانِ
فَمَا الْحِكْمَةُ الْغَرَّاءُ فِي وَضْعِ ظَاهِرٍ
مَكَانَ ضَمِيرٍ إِنَّ ذَاكَ لَشَانِ
فَأَرْشِدْ على عادات فضلك حيرتي
فمالي بِهَا عِنْدَ الْبَيَانِ يَدَانِ


الصفحة التالية
Icon