فَصْلٌ
الْقَصْدُ بِالْخَبَرِ إِفَادَةُ الْمُخَاطَبِ وَقَدْ يَرِدُ بِمَعْنَى الْأَمْرِ نَحْوُ: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ﴾ ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ ب﴾
وَبِمَعْنَى النَّهْيِ نَحْوُ: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ﴾
وَبِمَعْنَى الدُّعَاءِ نَحْوُ: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ أَيْ أَعِنَّا وَمِنْهُ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ فَإِنَّهُ دُعَاءٌ عَلَيْهِ وَكَذَا ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾
وَجَعَلَ مِنْهُ قَوْمٌ ﴿حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ قَالُوا هُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ بِضِيقِ صُدُورِهِمْ عَنْ قِتَالِ أَحَدٍ
وَنَازَعَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْخَبَرَ يَرِدُ بِمَعْنَى الْأَمْرِ أَوِ النَّهْيِ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "فلا"رفث لَيْسَ نَفْيًا لِوُجُودِ الرَّفَثِ بَلْ نَفْيٌ لِمَشْرُوعِيَّتِهِ فَإِنَّ الرَّفَثَ يُوجَدُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ وَأَخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ أَنْ تَقَعَ بِخِلَافِ مُخْبَرِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ النَّفْيُ إِلَى وُجُودِهِ مَشْرُوعًا لَا إِلَى وُجُودِهِ مَحْسُوسًا كَقَوْلِهِ: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ﴾ وَمَعْنَاهُ مَشْرُوعًا لَا مَحْسُوسًا فَإِنَّا نَجِدُ مُطَلَّقَاتٍ لَا يَتَرَبَّصْنَ فَعَادَ النَّفْيُ إِلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا إِلَى الْوُجُودِ الْحِسِّيِّ وَكَذَا ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ﴾ أَيْ لَا يَمَسُّهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَرْعًا فَإِنْ وُجِدَ الْمَسُّ فَعَلَى خِلَافِ حُكْمِ الشَّرْعِ قَالَ وَهَذِهِ الدَّفِينَةُ الَّتِي فَاتَتِ الْعُلَمَاءَ فَقَالُوا: إِنَّ