فَرْعٌ
مِنْ أَقْسَامِ الْخَبَرِ النَّفْيُ بَلْ هُوَ شَطْرُ الْكَلَامِ كُلِّهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَحْدِ أَنَّ النَّافِيَ إِنْ كَانَ صَادِقًا سُمِّيَ كَلَامُهُ نَفْيًا وَلَا يُسَمَّى جَحْدًا وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا سُمِّي جَحْدًا وَنَفْيًا أَيْضًا فَكَلُّ جَحْدٍ نَفْيٌ وَلَيْسَ كُلُّ نَفْيٍ جَحْدًا ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ وَابْنُ الشَّجَرِيِّ وَغَيْرُهُما
مِثَالُ النَّفْيِ: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾
وَمِثَالُ الْجَحْدِ نَفْيُ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ آيَاتِ مُوسَى قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾
وَأَدَوَاتُ النَّفْيِ لَا وَلَاتَ وَلَيْسَ وَمَا وَإِنْ وَلَمْ وَلَمَّا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَعَانِيهَا وَمَا افْتَرَقَتْ فِيهِ فِي نَوْعِ الْأَدَوَاتِ وَنُورِدُ هُنَا فَائِدَةً زَائِدَةً قَالَ الْخُوَيِّيُّ: أَصْلُ أَدَوَاتِ النَّفْيِ لَا وما لِأَنَّ النَّفْيَ إِمَّا فِي الْمَاضِي وَإِمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالِاسْتِقْبَالُ أَكْثَرُ من الماضي أبدا ولا أَخَفَّ مِنْ مَا فَوَضَعُوا الْأَخَفَّ لِلْأَكْثَرِ
ثُمَّ إِنَّ النَّفْيَ فِي الْمَاضِي إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَفْيًا وَاحِدًا مُسْتَمِرًّا أَوْ نَفْيًا فِيهِ أَحْكَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَكَذَلِكَ النَّفْيُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَصَارَ النَّفْيُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ وَاخْتَارُوا لَهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ مَا وَلَمْ وَلَنْ وَلَا وَأَمَّا إِنْ وَلَمَّا فَلَيْسَا بِأَصْلَيْنِ فَمَا وَلَا فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ مُتَقَابِلَانِ وَلَمْ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ لَا وَمَا لِأَنَّ لَمْ نَفْيٌ لِلِاسْتِقْبَالِ لَفْظًا وَالْمُضِيِّ مَعْنًى فَأَخَذَ اللَّامَ مِنْ"لَا"الَّتِي هِيَ لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمِيمِ مِنْ"مَا"الَّتِي هِيَ لِنَفْيِ الْمَاضِي وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا إِشَارَةً إِلَى أَنَّ فِي"لَمْ"إِشَارَةً إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمَاضِي وَقَدَّمَ اللَّامَ عَلَى الْمِيمِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ"لَا"هِيَ أَصْلُ