عَلَيْهَا ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ الْآيَةَ فَلَفْظُ"كِتَابٍ"يَحْتَمِلُ الْأَمَدَ الْمَحْتُومَ وَالْكِتَابَ الْمَكْتُوبَ فَلَفْظُ"أَجْلٍ"يَخْدِمُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَ"يَمْحُو"يَخْدِمُ الثَّانِي
وَمَثَّلَ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ الآية فَالصَّلَاةُ تَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا فِعْلُهَا وَمَوْضِعُهَا وَقَوْلُهُ: ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ يَخْدِمُ الْأَوَّلَ ﴿إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ يَخْدِمُ الثَّانِي
قِيلَ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ عَلَى طَرِيقَةِ السَّكَّاكِيِّ
قُلْتُ: وَقَدِ اسْتَخْرَجْتُ بِفِكْرِي آيَاتٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ فَأَمْرُ اللَّهِ يُرَادُ بِهِ قِيَامُ السَّاعَةِ وَالْعَذَابُ وَبِعْثَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أُرِيدَ بِلَفْظِهِ الْأَخِيرِ كَمَا أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأُعِيدَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ فِي" تَسْتَعْجِلُوهُ "مُرَادًا بِهِ قِيَامُ السَّاعَةِ وَالْعَذَابُ
وَمِنْهَا وَهِيَ أَظْهَرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ آدَمُ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ مُرَادًا بِهِ ولده فقال: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ ثُمَّ قَالَ: ﴿قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ أَيْ أَشْيَاءُ أُخَرُ لِأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي سَأَلَ عَنْهَا الصَّحَابَةُ فَنُهُوا عَنْ سؤالها.