الثَّالِثُ: ذَكَرَ التَّنُوخِيُّ فِي"الْأَقْصَى الْقَرِيبُ"وَابْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُمَا نَوْعًا غَرِيبًا مِنَ الِالْتِفَاتِ وَهُوَ بِنَاءُ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ بَعْدَ خِطَابِ فَاعِلِهِ أَوْ تَكَلُّمِهِ كَقَوْلِهِ: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ بَعْدَ ﴿أَنْعَمْتَ﴾ فَإِنَّ الْمَعْنَى: "غَيْرِ الَّذِينَ غَضِبْتَ عَلَيْهِمْ" وَتَوَقَّفَ فِيهِ صَاحِبُ عَرُوسُ الْأَفْرَاحِ
الرَّابِعُ: قَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الِالْتِفَاتِ قِسْمٌ غَرِيبٌ جِدًّا لَمْ أَظْفَرْ فِي الشِّعْرِ بِمِثَالِهِ وَهُوَ أَنْ يُقَدِّمَ الْمُتَكَلِّمُ فِي كَلَامِهِ مذكورين مرتيين ثُمَّ يُخْبِرُ عَنِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَيَنْصَرِفُ عَنِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنِ الثَّانِي: ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنِ الْأَوَّلِ كَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الْأِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ﴾ انْصَرَفَ عَنِ الْإِخْبَارِ عَنِ الْإِنْسَانِ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى ثُمَّ قَالَ مُنْصَرِفًا عَنِ الْإِخْبَارِ عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى إِلَى الْإِخْبَارِ عَنِ الْإِنْسَانِ: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ قَالَ وَهَذَا يَحْسُنُ أَنْ يُسَمَّى الْتِفَاتَ الضَّمَائِرِ
الْخَامِسُ: يَقْرُبُ مِنَ الِالْتِفَاتِ نَقْلُ الْكَلَامِ مِنْ خِطَابِ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ أَوِ الْجَمْعِ لِخِطَابِ الْآخَرِ ذَكَرَهُ التَّنُوخِيُّ وَابْنُ الْأَثِيرِ وَهُوَ سِتَّةُ أَقْسَامٍ: أَيْضًا
مِثَالُهُ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى الِاثْنَيْنِ: ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ﴾ وإلى الجمع ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾
وَمِنَ الِاثْنَيْنِ إِلَى الْوَاحِدِ ﴿فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى﴾ ﴿فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾